لن أبكي . . .
- أمل هل ملابسي متناسقة ؟
- تجيبها ندى وهي تتأملها . . إنها جميلة . وشعرك مرتب أيضا . .
تركب السيارة وحقيبتها الجلدية معلقة على كتفها.. تتلمي مقبض الباب ثم تغلقة بسرعة . . وهي تلقي
السلام على اخيها ..
بعدقليل
سرحت تسبح في عالم الخيال بل الأمنيات . . آه لو كنت أبصر لفهمت ما تضحك منه زميلاتي بالأمس !
لقد ضحكن حتى ارتوين ، وبكيت في داخلي حتى غرقت .. كنت ابتسم حينها! . . نعم ابتسم .. فهل ابكي
عمري كله؟! لقد وجدت طريقة جديدة للتعايش مع مسمى (كفيفة) .. أن أبكى داخلي فقط ، ويتردد
نشيجي بين أضلعي وقلبي وخلاياي بصمت
فلست أحب رحمات الآخرين وعطفهم ..
لم يكن ينفعني البكاء حينما كنت أجلس مع إخوتي ليروا أفلام الكرتون !
أسمعهم يضحكون فجأة ويعلقون على مشهد لم يسعفني سمعي لفهمه !! فأقوم باكيه إلى غرفتي..
كم مرة تمنيت أن ألعب الـ( خطة ) حين تلعبها اختي مع بنات خالتي! وكم تمنيت أن تكون لي دراجة أجول
فيها في حوش بيتنا كما أخواتي ..
كم مرة تخيلت الشمس التي يتحدثون عنها و القمر الذي يتغزل به الشعراء .. لكني لم افلح!!
كم ارتوت مخدتي من بكاء صامت في ظلام الليل .. كنت اتجلد أمامهم رحمة بأمي ، فقد غصت في
عبراتها .. وتعبت من البكاء
ليس لك ذنب يا امي ..
فلم تختاري هذا لي ، ولكنه القدر الذي كتبه الله علينا ، القدر الذي ليس منه مفر ..
و انت يا أبي ..
كنت أشعر بمعاناتك وأنت تروح وتجيء هنا وهناك باحثا عن دواء أو طبيب أو حتى بصيص أمل لعلاجي ..
لست أنسى صنيعك هذا ما حييت.
أشكركما يايداي فقد أتعبتكما باللمس ، ويا أذناي لقد كنتما بوابتي إلى الحياة
أعتذر يا قدماي فقد صبرتما على سقطاتي وعثراتي التي اعتدت عليها وباتت قطرات الدم والكدمات رفيقة
دربي وجزء من ملامحي !
كان المذياع رفيقي منذ صغري ، كنت ألصفه بأذني ليلا ونهارا فهو الوحيد الذي لا يمل من تعليمي أو الحديث
لي .. ومن خلالة تعرفت على الدنيا .. لقد كنت أعرف أشرطتي واحدا واحدا باللمس فقط .. فقد كنت ذكيه
بشهادة الجميع ، كنت اسبق إخوتي في تذكر الآيات والأبيات والأحداث ، بل كنت أحفظ دروس إخوتي حين
تدرسهم أمي
نعم كنت أحب الإطلاع وسريعة الحفظ وهذه نعمة كبيرة أعجز عن شكر ربي عليها ..
كنت من الأوائل في المعهد الذي درست فيه ..
يااااه .. ما أجمل ذلك المكان .. هناك فقط كنت أشعر بالراحة والسعادة .. كان لنا نفس الهموم ونفس
الطموح.. كنت اشعر بتميزي حقا من خلال ثقافتي .. وأفرح كثيرا بكلمة إطراء من معلمتي .. إنها أيام مضت
وليتها تعود..
قبل سنتين تقريبا ..
كنت أتلمس طريقي إلى الحمام حين سمعت نشيج أمي ..! لقد هالني الأمر .. وأصخت سمعي ..
" وماذا بعد تخرجها ؟؟ هل تجلس في البيت ؟ تجتر أحزانها .. لا عمل .. ولا زوج .. ثم أردفت : ومن يتزوج
بعمياء ؟؟ "
دارت الأرض .. وحاولت أن أتماسك .. وعدت أتلمس طرقي إلى مأوى أحزاني ومستودع آلامي وخزانة
دموعي .. وصدى كلماتها يتردد في أذني ..
من يتزوج عمياء؟؟
من يتزوج عمياء؟؟
من يتزوج عمياء؟؟،
،
وللحديث بقية
( منقول ) - هند السويلم -
__________________
اللهم أحينا على السنةواقبضنا على السنة وابعثنا على السنة[]