البحث عن الأمل
عندما لا حظت أنني اقتربت من السن التي تصنف عندها الفتاة غير المتزوجة بأنها عانس تسارعت ضربات قلبي بخفقان شديد وانشغل بالي بكثير من الامور وداخلني الخوف الشديد من أن أكون إحدى ضحاياها الظاهرة البغيضة ولم أكن أتصور في يزم من الأيام أن أصبح عانسا وكانت حالتي مثل من يفاجأ بوجود مرض عضال في جسمه لم يكن يحسب له حساب بالفعل كانت الصدمة اقوى من احتمالي وكانت للمفاجأة وقع الصاعقة لأن سنوات العمر انسحبت من تحت أقدامي سراعا دون أن أحس بها حتى اصطدمت عجلة المسير بجدار العنوسة فوجدت لا فتة كبيرة كتب عليها عبارة ((من هنا نبدأ حدود العنوسة))!!رغم المفاجأة وهول الصدمة لم استسلم لذلك الواقع والانهزام أمامه بل قررت الدخول في مشروع دراسي حتى لا يداهمني الفراغ ويقتل كل لحظات التفكير عندي وبدات في الاعداد لنيل الماجستير في علم الاجتماع وبالفعل شرعت في الدراسة على أمل أن تلهيني وتنقذني من التهام الوقت ومرارة اللحظات التي تمر على كل عانس ، وقلت في نفسي بلا شك قبل أن أكمل دراستي سيطرق بابي من ينسيني عذاباتي وربما من يجعلني أصرف النظر عن موضوع الدراسة نهائيا ، هكذا كان أتجاه تفكيري وهكذا كانت تهب رياح الاحلامعلى وسادتي المنعشة وهكذا تخيلت أن تكون الدراسة ملاذي الوحيد من شرور العنوسة ، آلام التفكير فيها وتبعاتها وتخيل تداعياتها 0 انغمست في البحوث والدراسات والتنقيب في أمهات الكتب والمراجع ووضعت على موضع الالم لدي مهدئات أو قل علاجا مخدرا حتى لا أحس بوخزات تذكرني بأني متمردة على واقع يسمى -عنوسة - ومرت الايام وانجزت جانبا من الدراسة ومن الجانب الأخر هرولت سنوات عمري وتدحرجت بي الى منتصف العشرينات ولم يطرق بابي أحد وكأن عليه لا فتة حمراء ولكن أقول هذا قضاء الله وقدره ولا راد لحكمه ولا مانع لإرادته 0أتدرون إلى أي حد وصل ويصل اليأس بمن تكتب في عداد العانسات ؟!أتدرين ايتها القارئات كم تعاني الفتاة جراء حمل هذا اللغب الثقيل ؟! هذا ما أكتويت بنار تحمله وأنا أستجير من ويلات انتظار المجهول بالدراسة العليا 0 لكن للأسف خذلتني الدراسة مثلما خذلتني الايام التي كانت تسرع على جسر عمري دون ان تخطرني حتى وجدت نفسي على الحافة المخيفة على حافة العمر ونهاية الأمل !! أضاعت الدراسة ماتبقى لي من عمر دون أن تتيح لي فرصة الالتقاء بشاطيء الاحلام ن أعطيتها الجهد والوقت وخلاصة التفكير والبحث وأخلصت لها لكنها لم تعرني اهتماما ن نعم أهدتني شهادة مكتوب عليها ((الحصول على درجة الماجستير في الاجتماع ))00 لكن معها درجة الدكتوراه في العنوسة!! 0 ماذا أفعل بمثل هذه الشهادات ؟ هل كنت بحق أحتاج الى هكذا شهادات لأدعم بها موقفي في الحياة ؟ أم أن الشهادة ستكون لي سكنا وتكون بيني وبينها مودة ورحمة؟ في الحقيقة لا أراها إلا زيفا وورقا لا قيمة له بالنسبة لإنسان يبحث عن الأمل وما زلت 00 أبحث عنه في برد النسمات التي تهب بين الفنية والاخرى ، أفتش عنه في أصوات العصافير وفي شعاع الفجر عند بزوغ كل صبح جديد، أناجيه في الأحلام وفي ضحكة الاطفال الصغار وبراءتهم وفي كل زهرة تفتحت في بستان نضر وفي كل حمرة تظهر خجلا على خد السماء ساعة الغروب ومع كل غروب تغرب شمسي ثم تشرق مجددا وهي مثقلة بالهموم والاحلام الوردية ثم تبدأ بحثها من جديد0 ( مذكرات عانس)