الرسالة ......... الاخيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرات اليوم موضوع في جريدة عندنا قومية ......... وقرات الرسالة لشاب .....تأثرت كثيرا وبكيت ليس على فقط على الشاب انما علينا جميعا ......... وكيف ان الله رحيما بنا .......... ونحن البشر قا سيين على انفسنا
بصراحة مش عارفة اقول حاجة غير انى قلبي انقبض وبكيت من تأثرها وارجو منكم ان تدعو له ان يغفر الله له ويرحمه ويعفو عنه ,أردت ان ارسلها لكم للعذة
أكتب إليك وأنا أقف في حجرتي بأحد الفنادق القريبة من أقدس مكان من الكعبة المشرفة.. فأنا ووالدتي وخطيبتي جئنا لأداء العمرة منذ أول أيام شهر رمضان. وفي هذه اللحظة التي يتردد فيها أذان الفجر من فوق مآذن الكعبة يهتز قلبي ولا أملك إلا أن تنزل دموعي في صمت خوفا من أن تصحو والدتي التي أصرت علي أن تشاركني نفس الحجرة. ويكفي ما هي فيه من حزن بسبب جعلها لا تنام الليل إلا لحظات متقطعة ثم تصحو في ذعر وكأن كوابيس الدنيا تطاردها.. نعم.. يكفي ما عانته وهي تدور بي علي الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومصر علي أمل أن تبدو بارقة ضوء أو أمل.. وللأسف فقد أجمع الأطباء الكبار في هذه الدول الثلاث علي أنني مريض وأن الأجل لن يمهلني أكثر من ثلاثة إلي ستة أشهر.
وصدقيني ياسيدتي.. لقد أنعم الله سبحانه وتعالي علي الانسان بعدم معرفة ساعة موته.. وكان ذلك رحمة من الله علي الانسان.. وإلا لخربت الدنيا.. وجلس الناس مثلما أفعل الآن لا يفعلون شيئا إلا انتظار الموت.. فالغالبية العظمي من الناس لا يعرفون متي وكيف وأين وسوف يلتقون بملاك الموت.. إلا أقلية من المحكوم عليهم بالاعدام بأحكام قضائية.. والمرضي من أمثالي.. فلن تمر عدة أشهر حتي أكون في باطن الأرض لا فوقها.. مع انني في سن الشباب.. لم أصل بعد إلي سن الثلاثين.. وهو ما يعني انني لن أحقق أحلامي التي عشت أسعي وأجاهد من أجل الوصول إليها.. لن أحصل علي الدكتوراة كما كنت أعتقد.. ولن أتزوج من حبيبة عمري وخطيبتي.. ولن أزف في احتفال يحضره الأهل والأصدقاء والزملاء.. ولن أري عروسي وهي ترتدي ثوب الزفاف وتضع علي رأسها الطرحة البيضاء.. ولن يكون لي أبناء أسعد بهم وبأحفادي منهم. لن يتحقق شيء من أحلام الصبا والشباب.. وإنما هو الموت والقبر والفناء.. وبكاء وعويل من والدتي الطيبة.. ومن خطيبتي التي انتظرت عودتي من الدراسة في الولايات المتحدة سنوات. وكنت قد سافرت لكي أحقق أحلامي في مستقبل كبير.. وتركت ورائي والدتي وخطيبتي واخوتي الأصغر سنا.. وكان من الممكن بعد أن حرمت ظلما من وظيفة المعيد ان أرضي بالواقع وأن أقبل وظيفة مناسبة.. فقد كنت الأول علي دفعتي.. ولكن طموحاتي دفعتني إلي السفر بعيدا عن الوطن والأهل.. دون أن أكمل فرحتي بالزواج.. بل أجلت مشروعاتي الشخصية إلي ما بعد الحصول علي الدرجة العلمية التي كانت أكبر أحلامي.. فقد كنت أتصور وقتها أن الأيام أمامي طويلة.. والفرص متاحة.. والأفراح في انتظاري أنا وحبيبة العمر. وقد كرست وقتي في الغربة للدراسة.. كنت أسهر الليل في البحث في الكتب.. وأقضي يومي بين قاعات الجامعة والمعامل.. وكنت طالبا نموذجيا.. حظيت باعجاب واحترام أساتذتي وانتظر لي الجميع مستقبلا غير عادي.. وكانت حياتي مقسمة بين الدراسة الجادة.. وانتظار تليفونات والدتي واخوتي وخطيبتي والاستماع إلي الكاسيتات التي يرسلونها إليٌ من وقت لآخر. لم يكن لدي وقت لشيء آخر.. فقد كنت أسابق الزمن حتي انتهي من دراستي التي كانت علي حسابي.. ولكنني مع الوقت بدأت أشعر بالتعب.. وبأن قدرتي علي مواصلة السهر في القراءة والبحث أخذت تتناقص.. وأخذت أشعر بضيق في التنفس.. مع سعال مستمر.. وارتفاع في درجة الحرارة وكنت أؤجل الذهاب إلي الطبيب لأنني كنت أخشي ضياع أي ساعة.. حتي فوجئت يوما بنوبة سعال وأنا في المعمل استمرت فترة طويلة كادت أن تزهق روحي.. وصمم أحد زملائي المصريين علي أن يصحبني في نفس اليوم إلي الطبيب..