سؤال:
أحس بكثير من الأحيان باقتراب أجلي وفي بعض الأحيان أحس أنني سأموت بتلك اللحظة وأحزن عند ذلك لأمرين؛ الأول: لفراقي عن الدنيا وأهلي وأحبتي والثاني: لقلة أعمالي وحسناتي وكثرة سيئاتي ولوحشة القبر وظلمته ووحدته، فأخبرني ماذا أفعل في تلك اللحظة، وكيف أتخلص من الحزن والجزع مع أنني أحسن الظن بربي عز وجل وفي رحمته الواسعة ؟
الجواب:
اخي في الله ..هذا اللذي ذكرته الغالب فيه ان يكون وسوسه من الشيطان,, فالشيطان حريص كل الحرص على ان يدخل الحزن على المسلم خاصة اذا كان عبدا صالحا يراقب الله تبارك وتعالى..وقد أشار الله تبارك وتعالى الى ذلك حينما وصفه بالعداوهـ وبين تعالى ذلك صراحة بقوله:
((إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ))المجادلة
فلذلك يأتيك الشيطان.,ويقول لك قد اقترب اجلكـ والآن تخرج روحك ..انتبه ..أو يريد ان يضيق عليك فيقول لا تلبث بعد يسير فتموت فترمل نساؤك وتيتم اطفالك وتنال من الله العذاب على ما فرطت واسرفت في جنب الله ,وعندها اوصيك بالعوذ والالتجاء الى الله تبارك وتعالى,,خسئ عدو الله فما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ..أقدار لا يعلمها الا مقدرها وغيوب لم يطلع عليها احد سواهـ سبحانهـ وتعالى علام الغيوب فأنعم نفساا واستدم ذكر الله تبارك وتعالى وكن مع الاخيار ..انكـ ان كنت صالحا في القول والعمل لا يضرك ان يأتيك الموت اي ساعهـ شاء من ليل او نهار...
ولذلك اقول:اذا كان هذا الحديث فأنه لا يخلو من حالتين ..
الحاله الاولى:
ان يدعوك الى القلق وان يدعوك الى التشويش ويصبح عندك القلق والاضطراب النفسي فهذا من الشيطان علاجهـ ان تستعيذ بالله ثم تستديم الدعاء ,واذا جاءكـ فاقراء القراءن فانه خير علاج ودواء لوسوسه الشيطان:
(( قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ )) [يونس:57]
اما الحاله الثانيه:
ان يكون هذا الحديث يدعوك الا الانكسار فتقول واسفاه على ما فرطت في جنب الله
فهذا هو شأن الاخيار انهم دائما يذكرون الموت والبلاء.ويحسون انهم الى الله صائرون وإليه منقلبون
والله ما أحس العبد في نفسه انه رهين الموت في طرفه عين الا دعاه ذلك الى صلاح القول والعمل
وما كان العبد خائفا من الله بشي مثل خوفه من الاخره,,ووالله ثم والله انا لا نحب الدنيا لشي ويعلم الله شوقنا اليه سبحانه وتعالى ولو أن العبد علم رحمه الله عز وجل ولطفهـ به سبحانهـ وتعالى لكان اشوق ما يكون اليه ان يلقى الله ..يأتيك فيقول لك الان تموت..قل له هنيئا لي اذا مت القى ربي فاستريح من عناء الدنيا ونكدها الى راحه الاخره ونعيمها ولو ان المؤمن اذا لقي الله خيير بين نعيم الاخره وبين ان يرجع الى الدنيا لختار ما عند الله على المال والاهل والولد والله تعالى بشرنا وهو الكريم الرحيم ,,وهو الكريم الرحيم بسعة رحمته ..وقال تعالى اتقوو الله : ((واتقو الله واعلمو انكم ملاقوه وبشر المؤمنين))
فـ من يقول لك ستلقاني فابشر ,,اي سائو به الظن سبحانه وتعالى..
ويقول جل ذكرهـ:
((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً ))
وكبيراا من الله ليست بالهينه ..والله ما دخل الايمان لقلب عبد فصدقه بالعمل الصالح ولو كان عنده بعض التقصير الا كانت له هذه البشرى من الله تبارك وتعالى من منا الكامل ومن هذا اللذي سلم من السيئات والاوزار..
والله تعالى يقول في كتابه عن اهل الجنه :
((ليكفر الله عنهم أسوء اللذي عملو ))
فالله تبارك وتعالى رحمته وحلمه هي السلوان ..ولا نتكل على صلاح قول ولا عمل ولكن هي رحمته سبحانه وتعالى...فأذا جاءك هذا الحديث فأحسن الظن بالله تبارك وتعالى ولا تجزع.. والله لو كنا مؤمنين صادقين في الايمان لكان العبد اشوق ما يكون الى لقاء الله . ياهذا تصوور اذا رجعت الى اولادك ووالديك ليس في الدنيا اعظم حنانا من االام والاب.اذا اتيت اليهما شعرت بالسعاده
لان الام حليمه رحيمه فما رحمه الام بجوار رحمه الله وأين حنان الام ولطفها في حنان الله ولطف الله ..وهو الحنان المنان جل جلاله فأحسن الظن بالله تبارك وتعالى ..واستدم طاعه الله تبارك وتعالى ,,وهذا الشعور بأنك تخشى الموت شعور طيب ان حفز النفس الى صلاح القول والعمل.. والعبد الصالح كلما تذكر الموت تنغصت عليهـ الدنيا وكلما رفهـ بنعيم الدنيا هان عليه النعيم اذا تذكر انهـ الى الله صائر والله ما صارت الاموال في كف عبد فذكر انه سيرتحل عنها الا بذلها في وجه الله وقدمها شوقا الا لقاء الله ...ولا صارت النعيم لعبد الا ذكره نعيم الاخره وما عند الله عز وجل من النعيم فاياك ثم اياك ان يتسلط الشيطان عليك بهذه الوساوس والخطرات..
وعلى العموم هي كلمتان:
ان كانت تدعوك هذه الوسوسه الى سوء الظن بالله وترك العمل,,والقنوط من رحمه الله ,,فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله ..فانهـ نعم المولى ونعم النصير وهو اللطيف الخبير
واما اذا كانت تدعوكـ الى الاشفاق فتدمع عينك من خشيه الله.. وتزهد في الدنيا وتطمع في لقاء الله عز وجل فهي وصيه النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عمر : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل )
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء "
ذكرو عن امراءه من بني اسرائيل انها صامت 40 سنه لم تفطر يوما قط قاالو كيف صمتي هذهـ المدهـ قالت ما اصبحت يوما الا قلت هذا اخر ايامي من الدنيا فمن كان على هذا الشعور فنعم العبد والغالب أن الله يوفقهـ لصلاح القول والعمل..ونسأل الله العظيم حياةً ترضينا عنه ونسألهـ بأسمائهـ الحسنى وصفاتهـ العلى ان يورثنا الشوق الى لقائهـ في غير ضراء مضرهـ ولا فتنهـ مضلهـ ,,ونسألهـ ان يجعل اسعد اللحظاات واعزها وأشرفها لحظه الوقوف بين بديهـ انهـ ولي ذلك والقادر عليهـ واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين,,..