مشكلتي
هي كثرة مزاولة العادة السرية لدرجة أني لا أستطيع أن أقطع هذه العادة، وكلما حاولت أن أجاهد نفسي وأصبر فلا أستطيع فأعود إليها مجددًا حتى ضعف جسدي ورقّ عظمي وتعدّى ضررها إلى بصري.. فماذا أفعل؟ دلوني بالله عليكم
أحببت أن أخصص هذه الصفحة للتحدث عن آفة عظيمة ومشكلة عويصة، أرقت عدداً كبيرا من الشباب، وسببت أنواعاً من الهزات القلبية والاضطرابات النفسية، وصار الإيمان منها في مد وجزر، مشكلة تدفع إليها نيران الشهوة وعنفوان الشباب، ألا وهي الاستمناء أو العادة السرية
تكاد تكون العادة السيئة من أشد مشكلات شباب عصرنا مما يتعلق بفتنة الشهوات، ومما زاد الأمر سوءاً الانتشار المنظَّم لوسائل الفاحشة، والدعوة إليها، وكثرة المغريات، وتعدد سبل الفساد، فخصَّصنا هذه الصفحة إسهاماً في إيجاد حلّ وبيان العلاج
خطوات العلاج
يجب أن يكون الدافع للتخلص من هذه العادة هو: السعي لإرضاء الله تعالى بطاعته واجتناب أسباب سخطه
العلم بحكم هذه الآفة الشرعية لترهيب النفس منها، فقد استدلّ الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم العادة السرية بالآية ( وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ، إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَأِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ )، قال فهذا خارج عن هذين القسمين، وقد قال تعالى ( فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَاء ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ ) أي العادون حدود الله
الزواج، وهو العلاج الإسلامي والشفاء الرباني، والحلّ الجذري لهذه المشكلة، قال رسول الله: ( ثلاثة حق على الله تعالى عونهم) وذكر منهم: ( والناكح الذي يريد العفاف). صحيح الجامع 3050
الوقاية خير من العلاج، ذلك أن الذي يمارس هذه العادة إنما تدفعه الخواطر والأفكار التي تحرك من شهوته للوقوع فيها،واستمع للإمام ابن القيم وهو يبين العلاج
قال الإمام ابن القيم: (واعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر، فيأخذها التذكر فيؤديها إلى الإرادة، فتأخذها الإرادة فتؤديها إلى الجوارح والعمل فتستحكم فتصير عادة، فردّها من مبدأها أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها ) انتهى
ثم ذكر العلاج -رحمه الله- فقال: (وصلاح الخواطر بأن تكون مراقبة لولّيها وإلهها، صاعدة إليه، دائرة على مرضاته ومحابه ، فإنه سبحانه به كل صلاح ومن عنده كل هدى..) ومن المعلوم أن الإنسان لم يعط القدرة على إماتة الخواطر وقطعها، فإنها تهجم عليه هجوم النفس، إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ودفع أقبحها
غض البصر، فإطلاق البصر يورد المهالك، ويورث الحسرات، فلا هو قادر على نيل بغيته، ولا هو بمستطيع نسيان ما ركز فيه بصره، فيتردد بين نوعين من العذاب الأليم
قال تعالى ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) قال ابن عباس : هو الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة، فيريهم أنه يغض بصره عنها، فإن رأى منهم غفلة نظر إليها، فإن خاف أن يفطنوا إليه غض بصره، وقد اطلع الله عز وجل من قلبه أنه يود لو أنه نظر إلى عورتها
إشغال النفس بالعبادات والانهماك في الدعوة، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية
اشغل نفسك بالصيام وصلة الرحم وأداء الصلوات الخمس في المسجد وبر الوالدين وعيادة المريض واتباع الجنائز وحلقة العلم وبذل تضحية في سبيل الدعوة إلى الله وزيارة الإخوان والقيام بحقوقهم وحضور المناسبات وغير ذلك.. لن تجد وقتا للمعصية
الاعتبار بالأضرار الناتجة عن تلك الممارسة: الجسدية والنفسية والدينية
الجسدية: ذكر بعض أهل الطب فيما تسببه هذه العادة: ( ضعف البصر، ضعف عضو التناسل،الالتهاب المنوي، آلام الظهر، رعشة الأعصاب، قد يولد منه ولد ضعيف)
النفسية: صراع نفسي ناتج عن الإحساس بالإثم، وقلق عصبي وعدم ثقة في النفس، والرغبة في العزلة والشعور بالخجل والانطواء
الدينية: كم ضاعت بهذه العادة كثير من الصلوات لصعوبة الاغتسال والتكاسل عنه خصوصاً في أيام البرد، وكم فسد من أيام الصوم من رمضان بسبب مزاولتها
تجنب الوحدة، فهي من أعظم الأسباب الدافعة إليها
ولكن يصعب على المرء أن يكون دائماً مع الناس، بل الصحيح أن يجعل وقتاً يخلو فيه بنفسه ويذكر فيه ربه، وقد ذكر عليه الصلاة والسلام من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ( رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )
عدم الاستهانة بنتائج الصوم، فقد قال رسول الله : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) فهذه نصيحة أعلم الخلق لك صلى الله عليه وسلم
الالتزام بالآداب الشرعية عند النوم حيث أن الشيطان ما يأتي بوسوسته بمثل هذه الأمور عند النوم.
ومن هذه الآداب: النوم على الجانب الأيمن وتجنب النوم على البطن فالله تعالى يبغض ذلك - الوضوء - المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم
الحذر من الكتب والمجلات المشبوهة
العزيمة والصبر والعفة، قال تعالى ( وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ)
تذكر إخوانك الصالحين وأن لو رأوك على هذا الحال لاستحيت منهم، فما بالك لا تستحي من الله؟!
الدعاء وطلب الإعانة من الله عز وجل والتذلل إليه فهو قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه
عدم اليأس والقنوط مهما تكرر الذنب، واليأس من روح الله كبيرة توقع في الشرك فتكون أعظم من الوقوع في أسر هذه العادة
أتبع السيئة بالحسنة تمحها
تذكر الموت والحذر من سوء الخاتمة
وهذا هو الزاجر الذي تخشاه النفس، بأن تنقطع اللذة بهادم اللذات ، فتلقى الله عز وجل وأنت على معصيتك وتبعث على هذا فيقال لك : أبهذا أمرت؟ فبماذا تجيب حينئذٍ
لا تأمن مكر الله أبداً بأن يقبض روحك وأنت على معصيتك، فتذكر وحشة القبر وظلمته وتذكر النار عند الرغبة في الوقوع في المعصية
وما هذه الواقعة منك ببعيد، فهذا أحدهم أغلق على نفسه الباب، فحضر أهله وطلبوه ، فوجدوه ميتا في غرفته وهو عاري أما المجلات الجنسية
وبعد..
ليست هذه الكلمات من أجل الإمتاع أو هي كلام مكتوب لا وزن لها، بل هي للتطبيق
تذكر هذه الخطوات عند ما تهم بالمعصية وحاول علاج نفسك بها واصبر ولا تيأس من روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
منقول بتصرف من كتاب العادة السيئة للشيخ محمد صالح المنجد.