
من أخطاء أطفالنا.. نبني شخصياتهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إخواني القائمين على هذا الموقع سأحكي لكم موقفا من المواقف الكثيرة المشابهة لهذا الموقف والتي لا أعرف كيف التصرف فيها.
الموقف هو: (بعد أن قام أمجد وعائشة من النوم في الساعة الثامنة كعادتهم رفضا أن يتناولا الإفطار وأن يشربا الحليب، فقررت أن أذهب في جولة مشيا بالأقدام إلى المزرعة وقرر أمجد أن يركب دراجته والتي لا يعرف قيادتها في الأرض الوعرة فطلب مني مساعدته بدفعة فساعدته مسافة قليلة وأحسست بالتعب لأني كنت أحمل أخته ذات العامين التي رفضت أن تمشي بمفردها، وقررت تركه وإتمام الجولة في المزرعة أنا وأخته.
كان طول الجولة يبكي ويحاول منعي من مواصلة الجولة، ثم شرحت له الأسباب التي تمنعني من مساعدته واقترحت عليه أن يترك الدراجة عند مدخل المزرعة وعند الانتهاء سأساعده في طريق العودة إلي المنزل ولكنه رفض، وعندما هممنا بالخروج وهو لا يزال علي بكاءه قلت في نفسي سأساعده قليلا حتى يري بنفسه صعوبة ذلك ومن ثم يقتنع وساعدته مسافة بسيطة ، ولكنه أصر على المواصلة فتركته وذهبت إلى المنزل وكان يركض ورائي ويحاول أن نرجع معه إلي المزرعة، وعندما وصلنا إلي البيت أراد أن يضربني ولم أتركه ومن ثم ذهب إلي درج الملابس وأفرغ ملابسه وملابس أخته في الأرض وحاولت منعه ثلاث مرات بأن أحمله بعيدا عن درج الملابس ولكنه عندما تركته أخرجها).
عذرا على الإطالة ولكن أريد حقا معرفة طريقة التعامل مع أبنائي في هذا الموقف وكيف أبني شخصيتهم؟.
أختي الحبيبة أم أمجد وعائشة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله لك في طفليك وجعلهما قرة عينك.
إن مسرح الحياة اليومية المنزلية لا تنتهي فيه الأحداث، فهو مسرح مستمر العرض، مواقفه متنوعة ومثيرة، والتعامل معها يحتاج إلى وقفات للترتيب للأحداث المتكررة، والتي تكون ردود أفعالنا فيها غير محسوبة؛ لذلك أسعدني اهتمامك بهذه التفاصيل، وهذه المواقف اليومية؛ لأن حسن التخطيط لها سيوفر الكثير من الجهد والأخطاء في التعامل مع أطفالنا، وسيكسبنا المهارة اللازمة للتعامل السليم تربويا مع كل المواقف، والتي سترسم الخط أو الطريق التربوي العريض والعام الذي سنسير عليه في تربية أبنائنا، وبالتالي في بناء شخصياتهم المستقبلية.
بداية تعالي نخرج من الموقف بعض النقاط لنتناولها سويا:
1- رفض أوامر الأم في الإفطار والدراجة.
2- البكاء المستمر طوال الرحلة والضرب وإخراج الملابس من الدرج.
أولا: رفض الأوامر وعدم تنفيذها:
إن سن الطفولة المبكرة وهي إلى سن الـ6 سنوات لها العديد من الخصائص، والتي تحتاج منك إلى قراءتها جيدا واستيعابها، ومنها العناد وهي صفة طبيعية، وتحتاج في هذه المرحلة إلى ذكاء في التعامل معها لذلك أرجو قراءة الرابط الآتي:
- فن ترويض لا عند الأطفال
ثانيا : البكاء طوال الطريق والضرب وإخراج الملابس من الأدراج:
إن الوقت والخبرة مهمان جدا لتعليم أبنائنا كيفية التعامل مع المواقف المختلفة، فابنك الصغير عنده أربع سنوات يريد أن يجرب ويعرف، ولن يقتنع بالكلام ولكن بالأفعال، فعندما طلب الخروج بالدراجة هو لا يقدر ولا يعرف المشقة في الأرض الوعرة، ونحن الكبار نعرف بالخبرة ذلك، ونريد أن نوفر عليهم الوقت والجهد الذي تعلمناه، ونختصر عليهم الطريق، ولكنه يريد أن يعرف ويجرب بنفسه لذلك سيقتصر دورنا في المواقف التي يحتاج الابن أن يجرب بنفسه ويكتشف ويستطلع -وهي من أهم سمات مرحلة الطفولة المبكرة - على:
1-إعطاء المعلومات المسبقة قبل التجربة وعدم التجريح والتهوين إذا أخطأ بعد التجربة.
مثال: قبل الخروج يتم إعطاء معلومات لطفلك عن الأمر الجديد الذي لا يعرفه، وهو أن الدراجة في الأماكن الوعرة تكون صعبة القيادة، وأنا لن أستطيع مساعدتك لأني سأحمل أختك الصغيرة، وليس في وسط الحدث كما حدث معك بعد السير في الطريق، ثم إعطاؤه الخيار بعد ذلك على أن يتركها أو يأخذها ونحترم قراره، فأمجد مثلا قرر أخذها، وفي بداية الطريق إذا طلب المساعدة فأخبريه أنك لن تستطيعي مساعدته أو أنك ستساعديه الآن، ولكن إذا لم تستطيعي في بقية الرحلة فلن تفعلي، هنا الوضع سيختلف لن يصر ويبكي ويشعر بأنك تهمليه وتهتمي بأخته لأنك أعطيت المعلومة قبل الحدث.
إذا بكى في البداية، وهذا وارد، نسأله: تفتكر نحل المشكلة دي إزاي؟
ونتركه يفكر معنا، على أن تقترحي معه بعض الحلول، وهو يعطي بعض الحلول، فمثلا تقولي ممكن أن نتركها هنا، وفي المكان المناسب نركبها، وقد يقول تنزلي أختي قليلا وتساعديني وتحمليها قليلا، وهكذا بالتناوب، فهذا الأسلوب رائع في خلق جو من الحلول لمشكلة حدثت بالفعل بعد إصراره على رأيه، وهنا لن يستطيع أن يرغمك على أن تساعديه أو يبكي طول الطريق؛ لأنك أعطيته المعلومة مسبقا، وأيضا اتفقت معه على عدم قدرتك أحيانا على مساعدته.
فإن طلب في الطريق المساعدة وبكى بعد ذلك فالحزم مع اللين والرفق بأن تنظري إليه في عينيه، وتنزلي إلى مستواه وتقولي بنبرة حازمة وليس بصراخ إحنا اتفقنا على إيه، ولا يجوز حبيبتي أن نعلق على الموقف ببعض التعليقات الخاطئة، والتي تقع فيها كثير من الأمهات مثل (ألم أقل لك من قبلها إن الأرض وعرة)، ونؤنب ونجرح الطفل بأنه لم يسمع الكلام، وأن ماما دائما تريد وتفعل الصحيح، فهذه كلها أساليب خاطئة تشككه في قراره الذي اتخذه وتفقده الثقة في اتخاذ القرارات بعد ذلك وتحمل مسئولية قراراته حتى لو كانت خاطئة.
إن دورنا الأساسي هو تربية أولادنا على تحمل المسئولية واتخاذ القرار من الصغر حتى لو كانت القرارات خاطئة فإنهم سيتعلمون من عواقب هذه التصرفات بدون تعليقات تقلل من شخصياتهم أو تهينهم وتشعرهم بأنهم لا يستطيعون أن يتخذوا أبدا القرار والتصرفات الصائبة.
كما أن أخطاءهم هذه فرصة لهم دائما ليراجعوا أنفسهم حينما يتكرر الموقف مرة أخرى، لذلك ستستمر الأخطاء طيلة حياتهم لوجود المواقف الجديدة دائما، خاصة في الطفولة المبكرة، فإن الأخطاء تكون كثيرة ومتكررة؛ لأنها فترة التعلم والتجربة والاستكشاف.
2- الاتفاق المسبق ووضع القواعد اليومية بنظام التربية الذكية.
يمكن حبيبتي أن تستخدمي جداول التربية الذكية مع أمجد فهي تبدأ من سن 3 سنوات وهي مفيدة جدا في السلوكيات المزعجة التي نريد أن يتخلى أبنائنا عنها أو في السلوكيات الجديدة التي نريد أن يكتسبوها مثل: أن يضربك حينما يغضب أو يرمى بعض الألعاب أو ينزل الملابس من الدولاب ويبعثرها، وإليك هذا الرابط لقراءته لتتعرفي على هذه الطريقة في وضع القواعد اليومية: للتربية الذكية.. خطوات.
وهناك قاعدة خاصة بتنزيل الملابس عند الغضب هي:
(لا ننزل الأشياء من الدرج عندما نغضب نقول لماما ماذا أغضبنا فقط بالكلام)
(لا نضرب ماما أبدا عندما نغضب نقول باللسان أو بالكلام أنا زعلان)، ونضعها في البيت في لوحة، وتحددي الامتيازات بالترتيب على حسب الأهمية بالنسبة لأمجد، والتدرج في التنبيه كلما قام بالإخلال بالقاعدة لمدة ثلاث مرات، ثم نقوم بسحب الامتياز منه، أما إذا التزم بالقاعدة فنعطيه الامتيازات، وهو نظام رائع لابد من شرحه للطفل جيدا وتبسيطه له.
وهناك حبيبتي طريقة ممكن أن تستخدميها في المواقف الطارئة وغير المتكررة، والتي لن تضعي لها قواعد مثل: إذا كان تنزيله الملابس غير متكرر، ولكن حدث فقط في هذا الموقف، وهي التربية بالعواقب، بمعنى أن يتحمل الطفل مسئولية خطئه، فالجزاء من جنس العمل، أي لابد أن يقوم بجمع الملابس ووضعها في مكانها حتى لو لم يعرف كيف يطبقها لأنه صغير، المهم أن يعرف أنه يجب أن يصحح خطأه بأسلوب حازم منك عن طريق نظرة العين، وملامح الوجه، ونبرة الصوت.
ولكي تتم هذه الأساليب بصورة صحيحة لابد من:
3- تخصيص وقت محدد لأمجد وآخر لعائشة منفصل، ووقت لهما سويا معك لتوزيع مشاعر الحب والاهتمام لكل منهما، والمشاركة معهما في الألعاب التي تزيد الألفة بينكم وتخفف مشاعر الغيرة بين طفليك وتزيد التفاهم والحب.
من الألعاب التي أنصحك بها مسرح العرائس، ولعب الأدوار، بمعنى أن يمثل كل واحد منهم دورا معينا مثل أسد أو أرنب أو غيره.. وعن طريق هذه الأدوار يمكن أن تشرحي بالتمثيل بعض الأخطاء التي تقع منهما يوميا على لسان الحيوانات.
بالإضافة لذلك أنصحك أن تتركي نفسك معهم طفلة صغيرة تلعب ما يقترحونه ويحبونه، واستمتعي بهذا الوقت فإنه يؤثر بشكل كبير في زيادة الإعجاب والتقدير والحب لك، وبالتالي قبول واحترام أي نظام تضعينه لهما.
أختي الحبيبة.. بارك الله لك في طفليك وتابعينا بأخبارهم فإنه من دواعي سرورنا
__________________
تم حذف الصورة الرمزية لمخالفاتها