عن آداب العتاب "فإنكان لابد من العتاب، فعليه أن يتحلى بهذهالآداب:
1ـ عدم تهويل الأمر محل العتاب، بحيث يجعل من الحبة قبة،ويتصعد الأمر، فينبغي أن نعطي الأمر حجمه فلا نجعل من الفرع أصلاً، ولا من الذَّنَبرأسًا... وليتجنب الأخ كثرة التحليلات، واختراع مقدمات لا وجود لها ويبني عليهانتائج عجيبة واستنباطات غريبة.
2ـ البدء بالتلميح قبل التصريح لأنالتصريح قد يجرح والنفوس متفاوتة التحمل. ويراعي التلميح إذا كانت الزوجة ستفهمهومراده، وإلا صرح الزوج وأمره إلى الله لكن بلطف لابعنف.
3ـ الإسرار بالعتاب، فلا يجعله أمام أحد من الناس حتى ولو كانوا أقارب، ففيذلك ستر يعين المخطئ على التصحيح، وفي غيرهفضيحة.
4ـ اختيار الوقت المناسب، فلا يعاتب عند العراك والغضب، بل يتريث حتى تهدأالأمور، وتصفو النفوس... حينئذ يوجه عتابهبرفق.
5ـ ألا يؤدي العتاب إلى ضرر أكبر، فالقصد من العتاب علاج الخطأ، فإن كانيفتح جرحًا أخطر تركه حتى يأتي الوقت المناسب. وتقدير هذا الأمر يحتاج إلى فهمثاقب، وعقل راشد، وتقوى ونور وبصيرة.
6ـ المحافظة على المعاتَب بحيث لايحرجه ولا ينتقصه؛ بل يظهر له الحب والتقدير، والحرص على استمرارية الإخاء والصفاء،فإنه يبقى الود ما بقي العتاب.
7ـ البعد عن الاستعلاء والتشفي،والإصرار والعناد.
تلك بعض الآداب الهامة في فقه العتاب، على الزوج أنيراعيها، وينبغي أن يعلم أن العتاب مع الزوجة لا يكون إلا في أمر ذي بال، لا أمرتافه؛ كأن تتأخر في إعداد الطعام قليلاً، أو تنقل كتابًا أو أوراقًا هامة أو غيرهامة من مكان إلى جواره، ويسهل إرجاعه بلا جهد، أو تغير في تنظيم الأثاث... أو تعطيجارتها عارية، فيأتي الزوج كثير العتاب فيقول لها معاتبًا: يا فلانة...، اللهيهديك!! لماذا نقلت هذا؟ ولماذا غيرتِ هذا؟ ولماذا أعطيت هذه؟ ولماذا تأخرتِ فيهذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟
وإذا قيل له:لماذا العتاب في هذا الأمرالتافه؟!
قال:حتىتتعود الانضباط!!
وإذا رأت بعثرة وتركتها، أو بكرت قليلاً في تجهيز المائدة،أو منعت عن محتاج حاجته حتى تستأذن...، قال لها: لماذا لم تنظمي هذا؟ ولماذا تعجلتفي هذا؟ ولماذا منعت عن هذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟
وتنهال على المسكينة سيول من الرميبسوء التصرف!! مع أن الأمر يسير، والاستدراك إن كان ـغير عسير ـ لا يحتاج إلى هذه العتابات،و"اللماذات": ولماذا ولماذا...
وليعلم الزوج أن كثرة العتاب وبخاصةفي الأمور التافهة تنغص على الزوجة عيشتها، فليكن الزوج حكيمًا في إنزاله علىمنازله، وفي المناسب، بالأسلوب الملائم... والعتاب في الأمور التافهة يصيب المرأةبالتوتر وقلق الأعصاب؛ لأن سياط العتاب تلاحقها، وعصا التأنيب أمام ناظرها، وهيمعاتبة على كلا الأمرين؛ إن أقدمت، قال: الإحجام هو الصحيح، وإن أحجمت، قال: الإقدام هو الصحيح.
فيصيبها شلل في التفكير، وتخلف في تدبير الأمور،وقتل لطاقات الإبداع. ومن ثم يكون النفور بدل حب القدوم... فأين هذا من هدي المصطفى r:
عن أنس رضي الله عنهقال
(خدمترسولاللهrعشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلتُه: لمَ فعلتَه؟ ولالشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟))( متفقعليه.). يا أيها الأزواج،العفو العفو، والصفح الصفح، وإلا فليلتزم بآداب العتاب"( كيف تسعد زوجتك ص152ـ 155.).
وينبغي للزوج أيضًا ألا يكثر الخصومة مع زوجته لاسيما إنكان بدون مبرر مقبول، أو يفجر في خصامه بدون ضوابط شرعية ولأسباب تافهة أو بسببالعند أو الكبر.
إن على الزوج العاقل أن يترفع عن السفاسف والمحقرات، وأنيكون واسع الصدر، يسعى في حل مشاكله بتؤدة وسكينة ونظرة عميقة في الأمور دونماتهوين أو تهويل. إن طول مدة الخصام بين الزوجين تسقط الهيبة، وتقتل الاحترام،وتغتال المودة والرحمة، وربما تفاقم الأمر إلى ما لا تحمدعقباه.
وعلى الزوج العاقل أيضًا ألا يعطي الأمور أكثر مما تستحق، ولاسيما وهو يدركأن الخلافات لا يخلو منها أي بيت، ولكن بالحب وغض الطرف عن الهفوات والأخطاء،والمبادرة بالصلح والإصلاح تزول الشحناء وتقل الخلافات داخلالبيت.
وعلى الزوج العاقل أيضًا، ألا يطيل النقاش مع زوجته إذا وجدها وصلت إلى درجة من الغضب أو العصبية التي من شأنها زيادة المشاكل وليس حلها. بل يعرض عن الحديث أثناء ذلك، ويصرف النظر إلى موضوع آخر حتى يجد وقتًا مناسبًا آخر للنقاش أو العتاب اللطيف أو النصيحة الجميلة.