بسم الله الرحمن الرحيم
لأن الأدب إسلامي، ينافح عن الدين كشعر حسان، ويجابه المشركين ببلاغة قيس، وليس بمعزل عن واقع الأمة، فإنني أتساءل :
أي قيمة لهذا المسمى "إسلامي" إن لم يستقِ من الكتاب والسنة حدوده وفصوله؟!
إن لم يرتوِ من معينهما الحق والبيان؟!
أترانا أدعياء أم أصحاب حق بهذا الاسم ؟!
الأدب الإسلامي رسالة نوصل بها عقيدة نقية، وأخلاقا زكية، قبس نوره قول الله -جل في علاه- وقول نبيه - صلى الله عليه وسلم- ، فإسلامنا دين خالد، صالح لكل زمان ومكان.
لا يخفى على الأمة الإسلامية ما تمر به من فتن ومصائب، ومن تفيأ ظلال السنة عرف ذلك في كتاب الفتن من صحيحي البخاري ومسلم وكتب السنن، وعرف كيف يتعامل مع هذه الفتن؟
انظروا كيف هيأ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته لمثل هذه الفتن فقال:
سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ) [صحيح البخاري 9/ 133]
إن الناظر لواقع الأمة والحكومات سيجد أصحاب المناصب استأثروا بالدنيا على غيرهم، وقد أخبرنا بذلك الصادق المصدوق كما في حديثه السابق، فبماذا وجهنا؟َ قال: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ.
وهناك من تأخذه الغيرة لهذا الدين فيكره ما عليه الحكام من ظلم وجور فيقول النبي صلى الله عليه وسلم :
« سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِىَ وَتَابَعَ ». قَالُوا أَفَلاَ نُقَاتِلُهُمْ قَالَ « لاَ مَا صَلَّوْا ».[صحيح مسلم 6/ 23]
وفي حديث آخر قال- صلى الله عليه وسلم- : قَالَ «
خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ
وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ
نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ فَقَالَ « لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا
مِنْ طَاعَةٍ ».[صحيح مسلم 6/ 24]
انظروا وصف النبي لهم :
شرار - تبغضونهم - تلعنونهم ، ثم يقول: ولا تنزعوا يدا من طاعة! فهل يعارض قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح وهو في الوضوح أشد ما يكون لقول فلان أو فلان؟ أو بالاحتجاج بالظلم وواقع الأمة المتردي ؟ مادامت الصلاة تقام لا ننزع يدا من طاعة ، ولا نقاتلهم ، ولا ننابذهم، هكذا علمنا الحبيب!
فأين المحبون له مغيبون عن هديه ؟!
سيقولون أموالنا تؤخذ بغير حق ، والسجون ملآى بالمظلومين فأقول هذا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يسأل النبي - صلى
الله عليه وسلم فيقول: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ
نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ
قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ».[صحيح مسلم 6/ 20]
تأملوا الوصف: قلوبهم قلوب الشياطين ولا يهتدون بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا يستنون بسنته ورغم
ذلك يأمرنا الحبيب أن نسمع ونطيع وإن أخذت أموالنا وضربت ظهورنا، " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" ، وإلا كيف نقول عن الإسلام : صالح لكل زمان ومكان؟
كثيرا ما أتساءل أين غيبت هذه النصوص الصحيحة والصريحة عن أبناء المسلمين ؟!
لا يخفى عليكم ما تقود إليه منازعة الحكم من زعزعة الأمن وتعطل المصالح وقد يكون القادم أسوء من الذاهب،
أين دور الأدب في بث العقيدة السليمة وتوجيه الأمة ، قلة العلم ، والتكلم بلا علم أعظم مصائبنا وهي التي
جرت علينا الويلات، ولو أصلحنا أنفسنا لصلح أمراؤنا وولاة أمرنا ، فكما تكونوا يولَّ عليكم .
ولأن الأدب إسلامي ، ليس سوى مجموعة من الكلمات، تبث فكرا، أو تطلق شعورا، أو تنشر عقيدة ودينا ،
فحري بالأدباء والشعراء والكتاب أن يزنوا ما يكتبون بميزان الكتاب والسنة ، فبكلماتهم رضوان الله أو سخطه ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ) [صحيح البخاري 16/ 300].
إيماض
سحر الأحد 2 من ربيع الأول 1432هـ
الموافق6/2/2011م