ذات يوم كنت في بيت والدي ـ رحمه الله ـ وأتحدث مع أخواتي في مواضيع شتى ، ثم عن علاقة الزوجين ، فقالت إحداهن ـ وكانت تحضر لبعض أهل الخير من الدروس العلمية ـ : النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من قهر الرجال ! ، مما يدل على أن الرجال قهرهم لغيرهم شديد !! ، وكذلك زوجي قالت ذلك حينما خالفت رأيها في أمر ما ! ، واتصل بي أخ حبيب يسألني عن ذلك فقد قالت زوجته نفس الشيء له ! .
فقلت له متعجبًا : ...... ولو نظرن في الحديث بأكمله لظهر الفهم الصحيح لهن دون أي كلفة .
في سنن أبي داود : 1557 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِىُّ أَخْبَرَنَا غَسَّانُ بْنُ عَوْفٍ أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِىُّ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ « يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِى أَرَاكَ جَالِسًا فِى الْمَسْجِدِ فِى غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ ». قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِى وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّى وَقَضَى عَنِّى دَيْنِى.
وخرجه الترمذي فقال : 3484- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ وَالبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ.
قال أبو عيسى : « هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو » .
الشرح :
قال صاحب عون المعبود : ( وَقَهْر الرِّجَال ) : أَيْ غَلَبَتهمْ
وقال الشيخ العباد في شرحه : وقهر الرجال غلبتهم وقهرهم.
وفي فيض القدير : (وقهر الرجال) غلبتهم وقال النوربشتي غلبة الدين أن يثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء لثقله وقهر الرجال الغلبة لأن القهر يراد به السلطان ويراد به الغلبة وأريد به هنا الغلبة لما في غير هذه الرواية وغلبة الرجال كأنه أراد به هيجان النفس من شدة الشبق وإضافته إلى المفعول أي يغلبهم ذلك إلى هذا المعنى سبق فهمي ولم أجد في تفسيره نقلا.
وقال بعضهم : قهر الرجال جور السلطان وقال الطيبي من مستهل الدعاء إلى قوله والجبن يتعلق بإزالة الهم والآخر بقضاء الدين فعليه قوله قهر الرجال إما أن يكون
إضافته إلى الفاعل أي قهر الدين إياه وغلبته عليه بالتقاضي وليس معه ما يقضي دينه أو إلى المفعول بأن لا يكون له أحد يعاونه على قضاء دين من رجاله وأصحابه
وقال المباركفوري في شرح المشكاة : ( قهر الرجال ) ، أي غلبتهم كما في رواية وهو شدة تسلطهم بغير حق تغلبًا وجدلاً ، وقيل : الإضافة إلى الفاعل أو المفعول فكأنه إشارة إلى التعوذ من أن يكون مظلومًا أو ظالمًا وفيه إيماء إلى العوذ من الجاه المفرط والذل المهين ، وقيل غير ذلك .
ومن هنا يتضح أن فهمهم للحديث في جانب والمعنى الصحيح في جانب !
غفر الله لنا ولهن ولسائر المسلمين .
__________________
محمد بن محمد الجيلاني
مهتم بالكتابة حول شؤون الأسرة
التعديل الأخير تم بواسطة الماضي الدفين ; 28-06-2011 الساعة 02:22 PM
جزاك الله خير أخي, فعلا موضوع مهم, كثير من الناس الله يهديهم بفسرو الأيات و الأحاديث لما يخدم مصلحتهم مثل لما الرجل يقول لزوجته صحيح أنكم ناقصات عقل و دين و هو مش فاهم شو أصلا معناها, أو لما حدا بدو يحلل لحالو شيء بيستدل بجزء من أيه ما يخدم مصلحته و بيترك باقي الأية ياللي بتكمل معناها. كل هذا سببه الجهل بالدين. جزاك الله خير.
إذا كثُر الاستغفار في الأمة وصدَر عن قلوبٍ بربّها مطمئنة دفع الله عنها ضروباً من النقم، وصرَف عنها صنوفًا من البلايا والمحن، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}