في هذا الموضوع سأتناول أخواتي الكريمات المقبلات على الزواج، أو من تنتظر الزوج الذي سيملأ حياتها سعادة وفرح إن شاء الله، وكون هذا الموضوع موجه بشكل أكبر للأخوات فإن هذا لايعني أني بصف الرجل بل إن هذا الرجل سوف اتناوله في موضوع آخر، فلا تستعجلنَ بارك الله فيكن.
لم يكن دافع طرح هذا الموضوع إلا بعد الوقوف على كثير من حالات الطلاق التي تحدث في مجتمعنا وبشكل هائل وكبير، والمشكلة أن أغلب الأسباب لهذا الطلاق هو عدم الشعور من قبل الزوجين أو أحداهما لقداسة هذا الرابط الكبير الذي بينهما، وعدم الشعور التام لأهمية وأهداف وغايات الزواج، إلى جانب ذلك عدم الأستعداد التام لفكرة الزواج.
ظاهرة الطلاق ظاهرة مؤلمة وخطيرة على المستوى الأجتماعي وعلى صعيد الزوجين وبالذات
الفتاة عواقب وخيمة تؤدي إلى تكدس المطلقات في البيوت، وفي المقابل الندرة في الطلب على المطلقات أو العيش من قبل المطلقة بقية حياتها دون زواج، وهذا يؤدي إلى خلل في تركيبة المجتمع وبناء الأسرة وخلل فردي يتعلق في المطلقة، تقول الأحصائيات إن نسبة الطلاق في السعودية وصلت إلى 33 % وهذا رقم عالي جداً في مجتمع "يعتبر" محافظ ومتدين.
لنأتي إلى بيت القصيد في هذا الموضوع وهو السؤال الذي في رأسه، هل سألتي نفسكِ أنكِ فعلاً مؤهلة للزواج؟ هل فكرتي بعمق الدور الذي يجب أن تقوم به المتزوجة كزوجة وكربة بيت وكأم بالمستقبل؟ إن المشكلة التي تواجه الكثيرين هي في عدم قدرة الفتاة على التمييز بين مرحلة ماقبل الزواج ومابين الزواج، إنها تريد الحياة الزوجية امتداداً لحياة الدلع واللهو والنوم في بيت أبيها، لم تعد تدرك أنها ذهبت إلى مكان هو في الأصل استقرار لها وإن كان يتخلله واجبات وأعمال ومسؤوليات، إن تلك الأعمال والمسؤوليات هي عبارة عن نقلة مفصلية في حياة الفتاة من الهزل إلى الجد، وبالتالي عليها أن تدركها بعمق.
تتعاضم المشكلة بشكل كبير حين تتربى الفتاة تحت والدين لا يهيئوا الفتاة إلى أن تكون زوجة متمكنة في الحياة الزوجة، حيث الفتاة تقضي الساعات بين الإنترنت والسمارت فون والشاتات التي تملئه، ومن جهة أخرى خادمة تطبخ وتكنس وتنظف وتغسل، هذا الوضع هو مايؤدي إلى مانراه من معدلات مرتفعة للطلاق، وهذه مشكلة تتحملها الفتاة نفسها ويتحملها الوالدين بعدم بنائهم لأبنتهم البناء المؤهل للحياة الزوجية.
أرجع بالذاكرة إلى خمسة عشر سنة حين كنتُ طفلاً، وحين تزوجنَ أخواتي، حين نأتي إليهم منذ أول أسبوع ونجد الأخت وقد شاع دورها في البيت حيث نلحظ قدرتها على القيام بواجتها وأدراكها لما لها وما عليها، إننا كنا نراها أماً وزوجة جديرة منذ أول أسبوع، وبالتالي سارت الحياة دون منغصات ولله الحمد، لم نعد نسمع في تلك الفترة أخبار الطلاق كما هو في هذا الوقت، وإن كان من طلاق فإن السبب يكون قوياً ولا قوة ولا حول للزوجين به، أو أنه الحل الوحيد.
إن من المؤسف حقاً أن تسمع كثيراً من حالات الطلاق نتيجة سبب بسيط يمكن حله لو كان الطرفيين على قدرٍ عالي من الفهم للحياة الزوجية ومتطلباتها، إن الزواج أمر مقدس يصعب على المرء وصف قداسته ولذلك من المؤلم أن تنهد البيوت لأسباب بسيطة أصلها ومرجعها عدم التأهيل الحقيقي للحياة الزوجية.
إن نصيحتي لأخواتي الكريمات واللائي هن الأكثر ضراراً من الطلاق أن يفكرن ألف مرة قبل أي خصام أو خلاف مع الزوج، وقبل هذا وذاك أرجوا ألا يضعنَ على ألسنتهن كلمة (طلقني) ، أختي الكريمة وفقكِ الله وأنتي المقبلة على الزواج أو ممن تنتظرين من يطرق بابكِ، أن تتفقهي في أمر الزواج وفي دوركِ المطلوب وأن تتثقفي وتقرأي كثيراً حول الحياة الزوجية ومتطلباتها، استمعي إلى البرامج التلفزيونية أو في اليوتيوب أو غيرها من الوسائل المتعددة، أننا لابد أن نغير من أسلوب حياتنا وردود أفعالنا وتواصلنا، فالزوج هو ليس الأخ الذي اعتدي على عدم الاهتمام لطلباته أو توجيهاته، وليس هو الأم التي ترفض لكِ طلباً فتبكين ثم تتيح لكِ ماطلبتي، وليس هو الأب الذي سيغفل عنكِ كثرة زلاتكِ، إنه عالمٌ مختلف، وعالمٌ جميل جداً لو أدركتي واستطعتي كيف تمتعين بهذا الجمال، والوصول لذلك هو عن طريق معرفتكِ التامة لحقوقكِ وواجباتكِ في الحياة الزوجية، وفقني الله وإياكِ، وأعاننا على القيام في الحياة الزوجية بأكمل وجه بما يرضي الله، قلتُ ما قلت واستغفر الله وأتوب إليه.