فرحت الأم حينما تشاهد ابنها وهو يبداء في أول مسيرة حياته الحبو, يدب بيديه الصغيرتين على السجادة, فتنتهي رحلة أول خطوة بإقحام أصابعه في فمه مستكشفاً ما فيه ومطلقاً قرقرات النشوة مصحوبة بسيل من لعاب, هنا نقف بنظرة متأنية لا إلى الطفل بل إلى السجادة, فنكتشف إن أليافها تحوي مجموعة من المواد الكيميائية الاصطناعية التي تم إنتاجها وإطلاقها منذ الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا بحوالي ما يقارب على 75,000 مادة, لقد تم إختبار أقل من نصف هذه المواد للوقوف على مدى سميتها المحتملة على الإنسان, مسكين هذا الطفل فالتلوثات الكيميائية المتعددة الأخطار تحدق به من كل جانب, فالطفل يستهلك طعاماً أكثر من البالغين, ويشربون ماء أكثر, ويستنشقون هواء أكثر قياساً على وزنهم وحجمهم0 وسلوكهم يزيد الأمور سوءاً, فهم يلعبون على الأرض حيث يوجد مزيد من الأوساخ وبقايا الطلاء ومواد التنظيف وغيرها, ويضعون أيديهم في أفواههم0 وهم يتناولون غذاء أقل تنوعاً, ويعرضهم لبقايا المبيدات المركزة,فأجسامهم غير مهيأة لمواجهة هذا الخطر للمواد الكيميائية والطفل في هذه المرحلة في فترة النمو السريع والتطور الحرج لجميع أعضاء جسمه, كما أن آليات الدفاع الطبيعي لدى الطفل لا تكون قد تطورت بالكامل, خصوصاً خلال الأشهر القليلة الأولى من سنته الأولى,وهي بالتالي أقل قدرة على تحليل بعض السموم وإفرازها, والخطر الأكبر حينما يكون الطفل في رحم أمة فهناك جسيمات صغيرة من معادن سامة مثل الرصاص وغيرها يمكنها من المرور عبر المشيمة وصولاً إلى الجنين, حيث تضعف أو تفكك الحاجز الواقي بين الدم والدماغ0 هذا التعرض المبكر يمكن أن يسبب تغييرات وظيفية دقيقة, ليس في مظهر الدماغ والأعضاء الداخلية وإنما في وظائفها وطريقة عملها0 في أمريكا مثلا من الثلاث ملايين طفل الذين يولدون كل سنة, يولد250 ألفاً (7%) مصابين بتشوهات خلقية تبدو واضحة على الفور أو تظهر في مرحلة لاحقة من الحياة0 تقول ثيوكولبورن التي شاركت في تأليف كتاب واسع الرواج بعنوان"مستقبلنا المسروق" إن العلماء والأطباء كانوا بطيئين في إدراكهم أن المواد الكيميائية يمكن أن تؤثر أيضاً على قدرات التعليم, وتشير الدراسات بأن الملوثات بالمستوى الموجود حالياً في البشر يمكن أن تضعف النمو الذهني , كما إن الاضطرابات السلوكية مثل النشاط المفرط وتشتت الانتباه, وهما علامتان أخريان للتعرض لمواد كيميائية بمستوى منخفض, فتؤثر حالياً على طفل من كل ستة أطفال أميركيين0هذا في أمريكا التي تضع القوانين والتشريعات وتشدد عليها فكيف الحال بنا وحال طفلنا, مسكينة هذه الأم التي لا حول لها ولا قوة فالأخطار تحدق بها من كل صوب حتى في فذة كبدها وهيا جاهلة فكم نحن بحاجة لثقافة بيئية ليس لأمهاتنا بل للجميع0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــ
أستاذ الكيمياء المشارك بجامعة أم القرى بمكة المكرمة

مجلة جدة شهر ذو القعدة

فعلا والله العظيم ما خطر على بال احد انه هذه الحكاية ممكن تؤثر سلبا على الطفل

شيء كان غايب عن البال تمااااااااما...جوزيت خيرا اخي الفاضل

واعجبتني آخر جملة: فكم نحن بحاجة لثقافة بيئية ليس لأمهاتنا بل للجميع....

تحيـــــــــــــاتي

__________________

فهود
شكرا لك اخي وجزاك الله خيرا

__________________