كلُّنا نعلم" أهمّية النظرة الشرعية " للمقبلين على الزواج ، والتي من خلالها يتحدّد مدى الارتياح بين الرجل والمرأة، بل أنّ ذلك حق مشرع لِكِلا الطرفين وهي مماحثّ عليه الشّرع، وكل تلك الأحكام التي تخصّ النظرة الشرعية من حيث مايجوز للخاطب رؤيته ومايجوز وضعه من الزينة للفتاة ومالايجوز تؤكّد على أهمية هذا الأمر.

ويقول الاخصائيون في علم النفس: أنّ الارتياح والانجذاب بين شخصين يتحدّد منذ الدقائق الأولى ، وادرجوا تحت هذا الأمر ؛ الارتياح أو النّفور الذي يحدث في النظرة الشرعية.

ولأنّنا نحتكم دائماً الى العادات والتقاليد أكثر ممانحتكم الى الشرع ، فقد أصبحت النظرة الشرعية في مجتمعنا للأم والأخوات .ولا أعلم من هو أوّل من ابتدع هذه الفكرة التي أصبحت فرض لابد أن نلتزم به ،وان لم نفعل فنحن لانفهم في الأصول التي هي أساساً من صنع البشر!!

ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلّم للمغيرة بن شعبة حين خطب امرأة :"انظر إليها فإنّه أحرى أن يؤدم بينكما"؟!.

أيُّ ارتياح أو وِئام سيحدث بين امرأة وامرأة أخرى مثلها وعلى أساسه يتم القول بأن فلانة جميلة أو عادية أو أقل من عادية أو مريحة ......الخ من الأوصاف التي أنا على يقين أن الرجل ينظر لها بمنظور مختلف تماماً.؟!

نعم نحن نعرف جيداً أن الأم والأخوات يأتون لرؤية الفتاة وفي عقلهم قائمة من المواصفات التي يطلبها الابن أو الأخ ، ولكننا أيضاً نعرف أن القبول وتآلف الأرواح الذي بين البشر لن يأتي من خلال وسيط ، وأظن أن فلانة طويلة أو نحيفة ، قصيرة أو سمينة ليست كافية لنقل الصورة الواضحة للرجل ، وخاصة اذا عرفنا أنّ عين الرجل ترى مالاتراه عين المرأة.

ويحدث أحياناً أن اتحدّث مع اخوتي فيصفون لي نساء من المحارم على أنهن ملكات جمال ويريدون زوجات مثلهن ، واتعجّب لأنني وبحق أراهنّ عاديات جداً .

وأذكر أيضاً أنني سمعت عن قصة لشاب كان يخطب وأمه وأخواته يبحثن في البيوت ويخرجن بنفس الجملة (فلانة مي حلوة)، حتى جاء ذلك اليوم الذي ذهب فيه لخطبة احدى الفتيات ، وبعد أن دخلن أمه واخواته لمنزل الفتاة ، جاء والد الفتاة وطلب من الشاب أن يدخل ليشرب القهوة وحين دخل الشاب قال له والد الفتاة :مارأيك أن تدخل ابنتي لتراها ؟ فوافق الشاب ورأى الفتاة وأعجبته، وحين ذهب للسيارة وركبن أمه واخواته لم يخبرهنّ بأنه رأى الفتاة ، بل سألهنّ مارأيكن في الفتاة فَأجَبْن بصوت واحد: مي حلوة ، يقول الشاب فقلت لهنّ: "والله انها احلى منكن.".

واحدى الصديقات تقول: أنّ أحد محارمها كان يريد فتاة جميلة ، وفي احدى المرات جاءت احدى الصديقات لزيارتها ، فإذا بمحرمها هذا يدخل بالخطأ ويرى صديقتها ، وبعد أن ذهبت طلب منها أن تخطبها ، تقول بأنه انبهر وقال لها لماذا لم تخبريني عنها وقد طلبت منكم البحث عن جميلة ، تقول انصدمت وقلت فلانة جميلة ؟ قال :نعم.

حين أتفكّر في تلك القصص ومايماثلها أتأكّد أنّ رؤية الرجل تختلف تماماً عن رؤية المرأة ، ولم يأتِ شرعنا بشيء الا وفيه كل الخير لنا.

الأمر تجاوزحدّه عندي أكثرمماسبق ،وذلك بعد أن ذهبت احدى قريباتي لرؤية فتاة لخطبتها لابنها ، تقول حين رأيتها انا وبناتي انبهرنا بجمالها ، ولأنني لاأريدها أن تكون أجمل من بناتي ولاأريد ابني ينسحر بجمالها ، قالت له : بأنّ فيها كذا كذا من الصفات القبيحة فانصرف ابني عنها وهي أخت لصديقه.،صُعِقْنا من كلامها ونصحناها ولكنها ترى أن ماتفعله هو الصواب ، ويصبّ في مصلحة ابنها.

الشواهد التي عاينتها بنفسي حول هذا الموضوع كثيرة ، والشرع جعل النظرة للرجل ، والعادات والتقاليد جعلت رؤية الرجل في خطوة لاحقة بعد رؤية "لجنة القبول" .

ومع ايماني بأنّ تَخَطِّي أي فتاة والقول من قِبَلِ أهل الخاطب بأنها غير مناسبة ليس الاّ قضاء وقدر ورزق، ولكن هذا لايمنع أننا نتمنى أن يكون للرجل والفتاة الحق في القول بالارتياح أو عدمه منذ بادئ الأمر، وكما أراده شرع الله لنا.



وفّق الله الجميع ، ودمتم بأطيب حال