بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم هذه القصة لعلها تسليك وتجعلك ترضي وتصبري
على زوجك وتحتسبي الأجر لتربية أبناءك ، ولعل الله تعالى يهدي زوجك
الخروج من الشرنقة أو سيطرة الأم
جريدة الأهرام الجمعة 29/12/1424هـ=20/2/2004م
هل تذكرني؟ إنني صاحب رسالة الحب الزائف التي تفضلت بنشرها
في يونيو عام2000, وشكوت لك فيها من أمي ورفضها القاطع لزواجي
من أي فتاة أو سيدة, لأني ابنها الوحيد الذي ترتبط به وتعتمد عليه خاصة بعد زواج شقيقاتي,
وحكيت كيف كانت كلما هممت بخطبة فتاة تمرض أو تتمارض وتلازم الفراش,
ويبدو كما لو أنها علي وشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة, فنضطر لتأجيل الخطبة
وأتفرغ لملازمتها ورعايتها إلى أن يمضي موعد الخطبة..
فتسترد علي الفور دماء الصحة والعافية وتنهض من فراش المرض وهي
في قمة السعادة.. كما رويت لك كيف تأجلت آخر خطبة لي
عدة مرات لنفس السبب, حتى ضاق بنا أهل الفتاة واعتذروا عن إتمام الارتباط,
إلى أن يئست تماما من أن أجد حلا لمشكلتي فكففت عن محاولة الزواج بعد
أن أصبحت لي سمعة غير مستحبة في بيوت العائلات الكريمة من جراء
ما حدث في محاولات الخطبة العديدة السابقة, وأذكر أنك بعد أن حللت موقف
أمي مني ووصفت حبها لي بأنه حب زائف, لأنه حب أناني لا يضع سعادة
الابن المحبوب في الاعتبار, وأن كل ما يهدف إليه هو استمرار الاستئثار به
وتملكه دون بقية النساء.. قلت لي إنه لا مفر من أن تسعي إلى الارتباط بفتاة
مناسبة في سرية تامة بعيدا عن والدتك لكيلا تفسد عليك المشروع
ثم تتزوج وتضع والدتك أمام الأمر الواقع وتتحمل صواعقها وعواصفها
وحمم براكينها إلى أن تخمد النار وتسلم بما حدث, مع تأكيدك لي بضرورة الفصل
بين أمي وزوجتي في المسكن... لكيلا يحدث الاشتباك المتوقع بينهما,
وبعد نشر الرسالة ساءت حالتي النفسية للغاية وانقطعت عن زيارة الاصدقاء أو استقبالهم وأصبحت أخرج بعد صلاة الفجر إلى عملي وأعود إلى البيت في المساء منهكا فأجد أمي تتفجر شبابا وحيوية تتحدث في التليفون مع إحدى بناتها وتطلق ضحكاتها العالية.. فأدخل غرفة نومي محسورا ولطبيعة عملي فلقد كنت أسافر إلى عاصمة المحافظة التي تقع فيها مدينتي عدة مرات كل اسبوع وأتردد علي مسجد قريب من العمل لأصلي فيه, وفي هذا المسجد رأيت رجلا سمح الوجه وقورا, لاحظت أنه ينظر إلى ويراقبني, ربما لأنني وجه غريب يظهر في المسجد فتبادلنا النظرات والابتسامات والتحية ثم حدث في أحد الأيام وكنا نستعد لأداء صلاة المغرب.. أن سمعت صوت سقوط جسم علي الأرض في أحد أركان المسجد, ورأيت المصلين يهرولون ناحيته فهرولت معهم.. فوجدت هذا الرجل وقد أصيب بأزمة صحية مفاجئة, فقد معها توازنه وساعدناه علي النهوض فطلب
مني أنا بالذات أن أوصله إلى بيته القريب, ففعلت وأحضرت له طبيبا وصرفت الدواء من الصيدلية ومكثت معه حتى صلاة العشاء وودعته بعد الاطمئنان عليه وهو يشكرني بحرارة ورجعت إلى مديتني الصغيرة.
وبعد أسبوع لاحظت أنه لم يظهر بعد في المسجد منذ ذلك اليوم, فتوجهت إلى بيته للسؤال عنه, وطرقت الباب ففتحته لي فتاة شابة فارتبكت لأني لم أر من قبل أحدا معه في بيته وكنت أظنه أرمل وحيدا وهممت بالرجوع لكنه ناداني من الداخل ورحب بي, وفسر لي وحدته في المرة السابقة بأن زوجته وبناته الأربع كن حين رجعت معه إلى بيته يحضرن درسا دينيا لداعية مشهورة واستشعارا مني بحرج الموقف حاولت الانصراف بعد فترة قصيرة, لكنه أصر علي أن أبقي معه حتى نتناول معا طعام العشاء.. وعرفت منه أنه رجل بالمعاش عمل مديرا بوظيفة سيادية كبري, وطلب مني أن أحكي له قصتي لأنه يلاحظ نظرة حزن غريبة في عيني, فوجدتني أروي له كل شئ بصراحة تامة, وأحكي له مالم أصرح به لانسان قبله, فربت علي كتفي وطلب مني الصبر علي والدتي والدعاء لها بالهداية, ثم سألني: مارأيك في ابنتي الكبري التي فتحت لك الباب.. هل تراها مناسبة لك, فأجابته علي الفور بالإيجاب, ولم أفكر في أن أطلب مهلة للتروي والتفكير في الأمر, فشجعه ذلك علي أن يدعوها ويبلغها أن هذا الشاب الطيب يطلب يدك
فماذا تقولين؟ وخفق قلبي خوفا من الحرج وفوجئت بها توافق حتى بعد اطلاعها علي جميع الظروف التي تحيط بي, وطلب مني الرجل ألا أبوح بما حدث لأحد إلا من اثق به ثقة كاملة حتى لا يتسرب الخبر إلى والدتي, وبالفعل لم ابح لأحد بسري سوي خالى وزوج إحدى شقيقاتي, وخلال ذلك خطرت لوالد فتاتي فكرة كان لها أثر السحر في إتمام
الارتباط, فقد اقترح علي إرسال أمي لأداء العمرة عارضا أن يتكفل
هو بنفقاتها كاملة, وخلال غيابها فيها يتم عقد القران والزفاف والانتقال إلى
بيت الزوجية في بلدتي.. وترجع أمي من عمرتها فتجدني زوجا ورب أسرة مع
حرصي علي مراعاتها ورعايتها وتحملها خلال فترة الثورة الأولي,
ونفذنا الفكرة بالفعل.. ورحبت أمي بها ولم تسألني عن مصدر النقود
التي دفعتها للعمرة, ولعلها اعتبرتها آخر مدخراتي التي كنت قد ادخرتها للزواج,
واطمأنت بذلك إلى أني لن اتمكن من الزواج ذات يوم, وسافرت والدتي إلى العمرة
ورجعت واستقبلتني بالقبلات ثم عرفت بما تم في غيابها, ولك ان تتخيل ماحدث
وماجري بعد ذلك, وكيف بعد ان بح صوتها من الصراخ والعويل
هاجمتها جميع امراض الأرض حتى عجزت عن الحركة ولازمت الفراش؟
وتفرغت أنا وزوجتي لخدمتها ورعايتها وتمريضها, وصرنا ننام علي الأرض
بجوار فراشها لنجيب نداءها في أية لحظة, ونصحبها إلى الأطباء لعلاج
أمراض لا ندري عنها شيئا, وهكذا طوال ثلاثة أشهر كاملة.
. فاذا استأذناها في العودة لبيت الزوجية في مساء أحد الأيام
لكي نبدل ملابسنا ونرتب أمورنا.. واذنت لنا علي مضض لم نكن نستقر
في البيت ساعة حتى يلاحقنا الجيران بالتليفون: عودوا والدتك تموت!
فنرجع مهرولين.. ونجدها في نفس الحال.. ونسلم أمرنا إلى الله.
. وهكذا عشت شهور الزواج الأولي كلها في جو الإرهاب المعنوي هذا
.. والويل لزوجتي اذا ارتدت فستانا نظيفا في البيت, والويل لي ولها
اذا تبادلنا الحديث امامها بكلمة, لأن الكلام ينبغي له ألا يوجه إلا لها هي,
واخيرا ظهرت بارقة امل في ان تخفف امي من موقفها هذا من زواجنا,
فلقد تحركت ثمرة الحب في أحشاء زوجتي, وأملنا ان تسعد أمي بالخبر
وابلغتها به امام خإلى, فلم أنس تعبير وجهها حين سمعته ولا كيف اسود وجهها
واظلم كانما قد أبلغتها بأسوأ خبر في الوجود, وانقضت من شهور الحمل
ثلاثة أشهر وزوجتي برغم كل شيء دائمة الابتسام في وجه أمي وحريصة
علي خدمتها وتجاهل إساءاتها.. ثم خرجت ذات يوم لأصلي العصر في
المسجد القريب ورجعت فوجدت زوجتي مستلقية علي الأرض والدم يغرق
فستانها وامي تحاول مساعدتها علي النهوض, وسمعت روايتين تفسيرا لماحدث,
الأولي من أمي وتقول إن زوجتي داخت من الحمل وسقطت علي الكرسي ثم
علي الأرض,
والثانية من زوجتي علي انفراد وتقول ان أمي ألقت علي الأرض عامدة
قشر الموز وبعض الزيت لكي تتزحلق عليها, وانها جمعت قشر الموز من الأرض
ومسحت الزيت قبل وصولي بدقائق, ثم تظاهرت بمساعدتها علي النهوض
وطلبت زوجتي أن تذهب إلى بيت أهلها لتستريح فترة تسترد خلالها
عافيتها بعد ان فقدت جنينها فوافقتها علي ذلك.
وشفيت امي من كل امراضها بقدرة قادر بمجرد ان رحلت زوجتي إلى بيت أهلها..
وتحركت في البيت وتزينت وارتدت اجمل ملابسها البيتية وغطت الابتسامة وجهها,
وبعد أسابيع اخري حملت زوجتي من جديد.. فحرصنا علي تكتم الخبر
عن أمي هذه المرة, فلم تعلم به إلا بعد أن لاحظت انتفاخ بطن زوجتي,
ولم تعلق سوي بالسباب واللعنات.. ثم بدأ مسلسل الأمراض والأزمات الصحية.
. فحرصت علي إبعاد زوجتي عن أمي بقية شهور الحمل, وتحملت انا كل العبء
وحدي في رعايتها, وحين جاء موعد الولادة نقلت أمي إلى المستشفي لاشتداد الأزمة
عليها وحرت في رعايتها ورعاية زوجتي التي علي وشك الوضع, واستعرت سيارة صهري لأتنقل بين الاثنتين, ووضعت زوجتي طفلا وطفلة فرحت بهما فرحة طاغية, وهرولت لأطمئن علي أمي التي دخلت العناية المركزة, فوجدتها قد تحسنت وغادرت العناية, ولم تسألني عن زوجتي ولا عن مولودها, وأرادتني ان ابقي إلى جوارها ليل نهار وأدع زوجتي لنفسها.
ومضت الأيام بطيئة وكئيبة ورجعت أمي لبيتها وزوجتي لبيت اهلها لفترة ثم إلى بيت الزوجية, ولم استطع أن احتضن طفلي وطفلتي واداعبهما طوال شهرين سوي مرة أو مرتين لأنه مطلوب مني ألا أتحرك بعيدا عن أمي خطوة واحدة.. وطوال ذلك لم تسألني هي ولو من باب المجاملة هل وضعت زوجتك أم لا.. وماذا انجبت طفلا أم طفلة؟!.
وبعد عدة أسابيع انشغلت بعض الشيء بالطفلين وبزوجتي, ودخلت أمي المستشفي لإجراء جراحة دقيقة فسلمت زوجتي طفليها لأهلها ونهضت لخدمة أمي في المستشفي ثم في البيت, فما أن عادت إلىه حتى شكت أمي لشقيقاتي من زوجتي ومن إهمالها لها وتأخيرها مواعيد الدواء.. الخ, وإذا بشقيقاتي يتأثرن بهذه الادعاءات ويقاطعنني ويقاطعن زوجتي, وعبثا حاولت مصالحتهن وارضاءهن لكيلا يقطعن صلة الرحم معي ومع الطفلين اللذين بلغ عمرهما عشرة شهور ويعيشان كالمنبوذين من أهلي.
__________________
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)سورة الطلاق
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ الله عَنْه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{ ما مَنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدعٌو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلاّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ }.[size=1]رواه مسلــم [/
size]،
أخوكم المحب الناصح همام hamam129