الطموح والحماس .. شيئان جميلان يجعلان للحياة طعماً ومعنى ويمدان الإنسان بالقوة والحيوية التي يحتاجها لبلوغ أهدافه، ولكنهما لا يختلفان عن كل شيء في حياتنا، ولا يجب أن يخرجا عن سنة الحياة بمعنى لابد أن يكون لهما تأثيراً أو حدود مضبوطة لا يتجاوزانها. ذلك أن ما زاد عن حده أنقلب إلى ضده.
ما شدني للكتابة أن هناك من يختلط لديه الطموح بالمطامع والهلع.. يريد أن يحقق كل شيء في ذات الوقت، مثقل بأشياء وأهداف، يريد أن يكون متميزاً ولامعاً في كل اتجاه.
قد يبدو للوهلة الأولى أن ذلك سمة جميلة وإيجابية (أنا معكم)، لكن لكل إنسان قدرات ومواهب وإمكانات متى ما شتتها وبعثرها فقد توازنه وفقد قدراته على العطاء، ولعل جميعنا يعرف قصة الغراب الذي حاول تقمص دور الطاووس وأصر على ذلك فلا أستطاع يكون طاووساً ولا استطاع أن يعود غراباً كما كان.. ذلك أن التميز يسير دوماً في ضوء التركيز.. والإبداع يسير جنباً إلى جنب التأمل والإتقان والشعور بالاستقرار الذي يولد مزيداً من الثقة في النفس.
قد يكون بعض الناس خلاقين ومبدعين بأفكارهم في أكثر من اتجاه وذو مواهب متعددة، غير أن التنظير والفكر ورؤية الأشياء من بُعد شيء والخوض فيها والقدرة على تنفيذها وترجمتها إلى واقع فعلي شيء آخر.. وهنا يحدث الاصطدام بين الجانب النظري في مواجهة التنفيذ العملي.. فالإنسان في النهاية قدرة مهما تعاظمت قدراته، وله طاقة مهما زاد نشاطه، ويعيش محاطاً بعوامل ليس بمقدوره أن يغير شيء باليوم والليلة، ولا يمكن أن يكون أكثر من أربع وعشرين ساعة، وحاجته الإنسانية وروابطه الاجتماعية وعوامل البيئية لا يمكن أن ينسلخ منها.
وقفـة..
جميل أن يكون الإنسان طموحاً ومبدعاً ومشتعلاً بالحماس، ولكنه يجب أن يعرف إلى أين تؤدي به الطريق!! ويجب أن يكون واضح الأهداف والغايات ويعرف ماذا يريد حتى يستطيع أن يصل سالماً إلى الشاطئ بأمان وهو صحيح البدن والروح والنفس.