بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
لا أهجر إلا اسمك
نحن ثلاثة أصدقاء سافرنا مع أهالينا إلى تركيا، وكل منا في سيارته الخاصة (الجمس) وعندما وصلنا إلى اسطنبول استخدمنا العبّارة البحرية كي نكمل طريقنا إلى بورصا، غادر صاحباي العبّارة قبلي فلم ينتظراني، فأكملا طريقهما إلى بورصا، يتابع خالد حديثه : فوجدت في نفسي عليهما وتضايقت، وعندما وصلت إلى الفندق المتفق عليه، وجدتهما سبقاني وفي انتظار دوريهما، فسلمت عليهما من بعيد، وهما يبتسمان، ثم تقدمت إلى الاستقبال، فقرأت اسم الموظف (كان)، فناديته باسمه، فاستغرب، فأبديت إعجابي باسمه، حيث (كان) اسم نادر، وخاصة في تركيا، فكيف انتقى هذا الاسم؟ وما سبب تسميته؟ وما معناه؟ فأخذ يشرح لي بصدر رحب تاريخ اسمه وإعجاب الناس به، وندرته، فأصبح هو متميزاً على غيره باسمه. وبعدما انتهى من ذلك، سألني عن طلبي، فأعطاني أفضل شقة في الفندق فتوجهت إلى صاحبي فصافحتهما وقد علتهما الدهشة، فدخلت شقتي وهما لايزالان على قائمة الانتظار.
الإنسان يحب أن يكون اسمه معروفاً مشهوراً بين الآخرين سواء في الدنيا أو في الآخرة، بل لم يسم (الاسم) اسماً إلا لأنه يسمو بصاحبه، فيعرف صاحب الاسم باسمه، فلماذا لا تبحث الزوجة عن معنى اسم الزوج، فإن كان غريباً أو جميلاً بينته للزوج وأبدت إعجابها به، وإن كان قبيحاً تجرعت مرارته ولطفته، وبحثت عن الطرق الأخرى لاسمه، ماذا لو جمعت أسماء العظماء التي تماثل اسم الزوج فتخبره أن اسمه يتسمى به هؤلاء العظماء، وكذلك يفعل الزوج.
يُحكى أن امرأة في دولة مجاورة ليس لها من الولد إلا الإناث، فأنجبت عشراً، وتمنت لو رزقت بولد ذكر، ولكنها أيست من ذلك، فنذرت إن أنجبت ذكراً فإنه لن يسميه إلا الملك (رئيس دولتها)، فرزقها الله تعالى بالولد الذكر، فتحيرت، كيف تصل إلى الملك وهي من عامة الناس، فأرسلت رسالة إلى أحد المشايخ العلماء تستفتيه في ذلك، فأجابها بأنه له زيارة قريبة للملك وسيخبره بنذرها، فماذا كانت النتيجة؟ سماه الملك باسم نفسه، وأعطى المولود أرضاً كبيرة جداً، وكتب له شيكاً فيه مبلغ جزيل من المال.
الناس تحب أسماءها وتفخر بها، وتحب من يتسمى بأسمائها، فتعظيم اسم الزوج دليل على حب الزوجة له وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة، يقول قيس لليلاه:
أحـــب من الأسمـــاء ما وافـــق اسمهــــا، أو شـــابهه أو كــان منه مدانيـــاً
لماذا لا نبتكر طرقاً جديدة في تقدير كل منا لاسم الآخر. (سان لوران) و (كريستيان ديور) وغيرها من الماركات المشهورة هي أسماء لأشخاص أطلقت على عطور وروائح جميلة للذي ابتكرها. ما المانع أن تطلق الزوجة اسم زوجها على أفضل طعام قامت بطهيه، ولا تنس أن (ماك دونالد) و (كنتاكي) مطاعم بأسماء أشخاص. النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ذات يوم : «إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليّ غضبى، قالت عائشة رضي الله عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم : أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم، قالت : أجل والله يارسول الله ، ما أهجر إلا اسمك» (رواه البخاري).
لماذا لا تحلف الزوجة برب الزوج كما فعلت عائشة ولكن لا تحلف برأسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من حلف بغير الله فقد أشرك». المتحابان كل منهما يقرن اسمه باسم الآخر لإظهار حبه ووجده بالآخر، لماذا لايقرن الزوج اسمه باسم الزوجة لاظهار هذا الشعور. لتكثر الزوجة من مناداة الزوج بأحب أسمائه وألقابه إليه، فإن فعلت ذلك أصبحت أقرب إلى قلبه من أي وقت أخر، وكذلك الزوج، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «ثلاث يصفين لك ود أخيك، تسليم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه». لماذا لا يتلاعب الزوج باسم زوجته أو يرخمه أو يصغره ملاطفة لها، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو عائشة أحياناً بقوله «يا عائش» وأحياناً كان يطلق عليها إسماً يصف فيه جمالها يناديها بلونها «ياحميراء»» تصغير «حمراء». كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاءل بالاسم الحسن فإذا كان اسم أحدهم «ابن طاب» قال صلى الله عليه وسلم : «طاب أمرنا». فليتفاءل الزوج باسم زوجته وكذلك الزوجة، وليبتكر كل منا طريقة في تقدير اسم الآخر والإعجاب به ليجمع الله تعالى بين القلبين.
منقول