ترك العقاب يُعدّ أيضاً نوعاً من أنواع العقاب - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

العلاقات الأسرية والإجتماعية أفضل الحلول لقضايا الأسرة والمجتمع والمراهقين والأطفال .

موضوع مغلق
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-2006, 06:47 PM
  #1
دنياالروح
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية دنياالروح
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 2,708
دنياالروح غير متصل  
ترك العقاب يُعدّ أيضاً نوعاً من أنواع العقاب

حبل الغسيل
للكاتبه الاستاذة . بدرية الغنيم



طفلة في الرابعة من عمرها تدندن وتطوف بأمها وهي تحمل سلة الغسيل لتنشره على الحبل وتقول: أعطني يا ماما. أعطني، أنا أحمل عنك. والأم في استغراب: ما سر هذا الابتهاج عند نشر الغسيل؟ ما سر هذه الفرحة؟ ما زالت البنت كالفراشة تطوف بأمها في عجل، وتأخذ القطع واحدة تلو الأخرى لنشرها، لكنها لا تصل إلى الحبل، بل تحملها أمها حتى تتمكن من نشر قطع الغسيل. وتجري أخرى لتعطي أمها بعضها لأنها أطول من قامتها، وتخشى أن تتسخ.

تثير اهتمامها تلك القطرات المتساقطة من الغسيل، تقوم بجمعها بيديها الصغيرتين، أو تضع رأسها تحت الغسيل، وتصرخ لكل نقطة باردة تقع على رأسها. تضحك الأم من صرخاتها. فتزيد من تلك الصرخات. أخذت تعد النقط المتتابعة من الغسيل. تعد من واحد إلى عشرة، ثم تسير بعدها الأعداد في ترتيب غير منطقي مع صرخة ترافق العدد عشرة. توقفت عن العد بعد أن سمعت شكر أمها لمعاونتها لها. طلبت منها الأم أن تعود معها إلى داخل البيت حتى لا تؤذيها الشمس بحرها. لكنها تجاهلت نداء أمها. كأنها ترقب مغادرتها.

أخذت تقفز كالأرنب، وتعد قطرات الماء تارة، وتارة تمسح بها وجهها. وحينما رأت أن أمها قد دخلت المنزل، مسحت يديها بفستانها. واستعدت لممارسة هوايتها المفضلة.

وهي الأرجحة بالحبل. قفزت مرة تلو أخرى لكنها لم تستطع الوصول إلى الحبل، جذبت إحدى قطع الغسيل. حتى تمكنت من إحكام قبضتها عليها فهبط معها الحبل إلى مستوى يديها. أمسكت الحبل بيد ووضعت اليد الثانية على الحبل أيضاً وتعلقت به، فارتفع بها، وتكاد تنقطع أنفاسها فرحة، ثم أخذت تتأرجح وترتفع قدماها عن الأرض، وتنظر إلى السماء، فتؤذيها الشمس، وتنظر إلى الطيور، وتظن أنها قريبة منها وسعيدة بها.

لم يعد لقدميها أي ارتباط بالأرض. ها هي تتحرك إلى الأمام والخلف، معتمدة على قوة ذراعيها، وقد نسيت كل ما حولها، وذهلت بأرجوحتها. التي أنعشتها بقطرات الماء، والهواء البارد. أخذت تعبر عن فرحها بضحكات هستيرية.

وفي قمة سعادتها وتحليقها في الهواء إذا هي تشعر بأن وزنها قد ازداد. حتى شعرت أنها أثقل من الحديد. وكأنها تحمل الغسيل كله بيديها. حاولت التخلص من الحبل. فإذا هو قد سبقها وتخلص من أوتاده. وهوى بها أرضاً مع أكوام الغسيل.

صرخت وتألمت لوقوعها أرضاً. لكنها في حالة ذهول. لا تدري أتبكي من الألم، أم تبكي للكارثة التي أحدثتها؟ تمالكت نفسها حتى تستطيع أن تتحمل تبعات الموقف. لم تتح الفرصة لدموعها أن تجري على خدها. أخذت تنشف عينيها بتحريك رأسها في الهواء. ثم وضعت يديها على وسطها وأخذت تنظر إلى الغسيل وهو ممدّد على الأرض. وحاولت تخليص إحدى القطع من الحبل ورفعها من الأرض. جذبتها فلم تستطع تخليصها من الحبل. حاولت في قطعة أخرى. لم تستطع أيضاً. ثم اهتدت لفكرة رفع الحبل. أمسكته حاولت أن ترفعه فأخفقت.

في أثناء محاولتها، فوجئت بعودة أمها. ألقت الحبل من يدها وشهقت... ماما... ماما. ثم نفضت يديها وأخذت تحك ظهرها بيد وتبعد شعرها المنكوث عن عينيها باليد الأخرى. إشارة إلى أنها تتألم. لتستدرّ عطف أمها. نظرت الأم في حكمة إليها وقرأت الخوف، والأسف، في عينيها. واطمأنت إلى أنها بخير. ثم كررت النظر في هدوء إليها وإلى الغسيل والحبل. دون أي حوار أو صراخ أو نظرات جارحة في محاولة لأن تتمالك نفسها من ردة فعل قد تفسد أكثر مما تصلح.

كم كانت الصغيرة تتمنى أن تعاقبها أمها على خطئها. لكن الأم لم تفعل بل اكتفت بتلك النظرة، وهي تكظم غيظها، وتدرك مدى انزعاج ابنتها، وأنها لا يمكن أن تقصد أن تسقط الغسيل.

وفي لحظة ترقب الصغيرة للعتاب أو العقاب، إذا الأم تحضر سلة الغسيل وتضعها أمام ابنتها، وتقترب منها، وتجلس في مستوى ابنتها، وتمسك بعضدها، وتضع يدها الأخرى على صدرها لتتحسس قلبها، وهو يكاد ينفطر فزعاً، وترمقها بنظرات حانية لتهدئ من روعها، وتقول: الحمد لله على سلامتك. تعالي لنصلح الذي فسد.

ارتمت الصغيرة في حضن أمها تبكي، وتقول: سامحيني يا ماما، سامحيني، لن أعود مرة أخرى لفعلها. وسوف أشتري لك حبلاً غيره، قوياً متيناً. وسوف أقوم بغسل الملابس. والأم تربت عليها في حنان وتمسح ما علق بها من أتربة. وتلقي نظرة على ابنتها عن قرب لتتأكد من سلامتها، وتقول: سوف أساعدك في إصلاح ما فسد. فانطلقت الصغيرة تجري لجمع الغسيل بمعاونة أمها.

الأم تبتسم لأنها اهتدت إلى علاج الموقف بطريقة تتعلم منها ابنتها التسامح والتعاون، وأعذار الآخرين، وعدم اتهام الناس، والدخول في نواياهم، وتركهم ليقولوا كلمة الصدق، دون تكذيب، وعدم تأزيم الموقف، ورحمة المخطئ من العتاب إن كان قد شعر بخطئه وتهيّأ لإصلاحه، وتركه يتحمل نتائج خطئه. ومساعدته إن لم يكن في إمكانه فعل ذلك وحده. وعدم الاكتفاء بأسلوب واحد لعلاج المشكلات. وكل منا معرض للوقوع في الخطأ، ولكل شخص ما يناسبه من أسلوب لعلاج المشكلة.

وترك العقاب يُعدّ أيضاً نوعاً من أنواع العقاب.
__________________
اللهم إسترني فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض اللهم إستر عيوبي وإغفر ذنوبي وإجعل حياتي برداً وسلاماً كما جعلت النار على إبراهيم برداً وسلاماً اللهم إذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك اللهم سخرلي وإختر لي فإني قد عجزت عن صلاح نفسي وفوضت امري إليك سبحانك

قديم 08-07-2006, 05:04 PM
  #2
عيون فتانه
قلب المنتدى النابض
 الصورة الرمزية عيون فتانه
تاريخ التسجيل: Dec 2005
المشاركات: 2,399
عيون فتانه غير متصل  
جزاك الله خير والله ودي اتعلم واخذ دروس على كيفية التعامل مع الطفل لاني الصراحه احس اني ام فاشله ما اعرف شلون اتعامل مع اولادي في هاذي المواقف
__________________
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
قديم 09-07-2006, 08:28 AM
  #3
كريستال
عضو مميز
 الصورة الرمزية كريستال
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 1,913
كريستال غير متصل  
الله يوفقك على القصة الرائعه خاطري اقدر امسك اعصابي مثل هالام يعني انا لو في موقفها احرمها التلفزيون يومها لكن تصرف هاي الام كان مثالي ورائع ياريت اقدر اتحكم في حالي ومااسيب نفسي للغضب والله الله يعينا ويعين عيالنا علينا
__________________
اللهم ياحنان يامنان ياحليم يامالك الملك بيدك الخير كله اسألك باسمك العظيم ان تشفي اخي شفاء تاما لا سقم بعده ..
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:48 PM.


images