قال لي "ما زلت أبحث...."
ذلك بعد نقاش طويل و متعب تجلى لي من خلاله شكوكه في دينه و ضعف إيمانه و حيرته. أدعو له كثيرا، لكن عندما آخذ في الإعتبار نقاشاتي و تفاعلاتي مع غيره، إضافة إلى عبارته، أحيانا أتسائل عن هذا البحث. هل هو بحث فعلا؟
ما زال ينغمس في ما يثير ريبته في دينه، و لا يزيد علما، و يكثر من الإستماع إلى الملحدين، و يستهلك جميع أنواع الإنتاجات الثقافية الغربية التي بالكاد لها علاقة بالدين، من مسلسلات مختلفة تأخذ من وقته الساعات ثم الساعات، و الصور و الرسومات و الكاريكاتيرات و الموسيقى، كلها تصب في ذلك الإناء الذي يعارض أسس الإسلام، فيكوّن به رؤيته للمجتمع و للأفراد و للرجال و النساء و للتربية و العلم بل و للعالم و الحياة بأكملها! و لا يطيق سماع إجابة من المشايخ، و لا يسأل أهل الدين، و يطلق أعينه تمعنا في خواطر غير المسلمين راغبا في الإستفادة من تجاربهم، و يقرأ رواياتهم و قصصهم و عبرهم و آرائهم في كل أمر، و لا يكلف نفسه النظر في تراجم الصالحين و لو لبرهة! و لا يسمع للمواعظ، بل قد يتقزز منها و ينفر منها. و عندما يطلع على أمر من مصدر ديني تشتعل رؤيته الإنتقادية فيخطف بصره كل زلة تافهة، و عندما يشاهد أمرا من غير الدين تنخفض عينه و يتجاوز الزلات كي يأخذ ما يستطيعه من علم "بكل حيادية".
ما هذا البحث؟
كثير من أبنائنا هكذا، فما أن يشكوا إلا و انغمسوا بالكامل في عالم الكفار، يزدادون علما به، و يعتقدون أنهم يعرفون ما يحتاجوا معرفته عن الإسلام، فيزدادوا جهلا بسبب تعالمهم.