
..::.. آخــــر لـــقــــاء ..::..
في مرحلتي المتوسطة ..
كانت تشغل منصب " مديرة " المدرسة ..
كانت محاطة بالجلال والمهابة من قبلنا كطالبات صغيرات ..
بلا شك فشخصيتها القوية تفرض علينا ذلك ..
كان لها سابق معرفة عريقة بوالدتي ..
لذا أجدها تحبني وتحترمني .. وليس من أجل ذلك فقط ..
فشخصيتي كانت هادئة ومسالمة وجبانه في نفس الوقت ..
فلا أقوم حتى من مكاني في الفصل حين خروج المعلمة .. بل ألزمه بكل أدب ..!!
فهذه قد تكون بعض العوامل التي شجعت من احترامها وحبها لي ..( ولا فخر ) ..!!
***
لازلت أذكر الآن ... آخر يوم لي في تلك المرحلة ..
بعد أن حصلنا على شهادة التخرج والانتقال للمرحلة الثانوية ..
ذهبنا لنسلم عليها انا وزميلتي .. ودعتنا .. ودعت لنا بالتوفيق ..
***
سنوات عديدة ...مرت على ذلك الموقف ..
سمعت من والدتي أن " مديرة مدرستي " مريضة ..
عانت كثيراً من مرض جلدي غريب .. وتبقعات في جسدها ..
كنت أعلم أنها
( عزباء ) .. ( غير متزوجة ) .. ( لم يسبق لها الزواج ) .. ( عانس )
سمعت كثيراً هذه العبارات ممن حولي
كانت متوسطة الجمال والطول .. يميزها شعر طويل ... أسود وحريري ..
تغيرت وظيفتها إلى " مشرفة تربوية " ..
***
في أول أيام التعيين في وظيفتي الجديده .. ابتعثت من قبل رئيسة عملي
لحضور احدى الدورات ....
فوجئت بحضور " مديرة مدرستي أيام المرحلة المتوسطة "
نعم تلك هي ..!!
عرفتها .. وقد تكون عرفتني .. الله أعلم ..
لكنني ويالغبائي وحمقي ...
لم أفكر أن أصافحها وأذكّرها بمن أنا ومن أكون بعد تلك السنوات
وذلك الانقطاع الطويل ..
قد تفرح بي لأنني طالبتها .. لكن قدر الله وماشاء فعل ..
أسبوع كامل وهي معي في تلك الدورة ..
لا أدري هل هو حياء مني أو لا مبالاة بتلك الاستاذة العريقة خبرة وعلماً ..
انتهت الدورة وانفض الجمع الغفير ..
وكان آخر لقاء جمعني بها ..
*****
استمرت أخبارها تصلني من والدتي ..
حالتها الصحية والنفسية رديئة ..!!
و بدأت تسوء وتسوء ..!!
قلت في نفسي : هل كانت ياترى ترغب بالزواج.. ؟؟
هل فكرة الزواج كانت تسيطر على تفكيرها ؟؟
لكنها
لكنها .. الآن مريضة فأين هي الآن وأين فكرة الزواج وهي بهذه الحالة ؟؟
لم أبح بهذه الخواطر لوالدتي .. فقد تغضب مني بسبب تفكيري القاصر .. !!
وانقطعت أخبارها عنا ..
وشغلت بعملي .. وقصّرت حتى بالسؤال عنها عن بعد
.. يالعقوقي ..!!
وجاء الخبر الصاعقة ..
( لقد توفيت ..!! )
كانت تعاني من ( سرطان الكبد ) ..
وهاهي الآن تنقل إلى منزل آخر ليس كمنازل الدنيا ..
منزل من نوع آخر ..
موحش
فلا أنيس ولا صاحب ولا حبيب
أسأل الله عزوجل أن يجعله روضة من رياض الجنة ..
ويخلف عليها شبابها في الجنة وهي فرحة مسرورة بنعيم لا ينضب
******
كتبت لكم .. لتكون وقفة بسيطة
حول حقارة هذه الدنيا
.
.
.
.
.
.
.
.
اختكم
بنان
التعديل الأخير تم بواسطة بنان ; 01-06-2006 الساعة 06:26 PM