معاناتنا.. قرأتها في قصة - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

المطلقات والأرامل والمتأخرات يعتني بالمطلقات والأرامل والمتأخرات عن الزواج

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 30-06-2006, 03:57 AM
  #1
شوبارد
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية شوبارد
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 5,397
شوبارد غير متصل  
معاناتنا.. قرأتها في قصة

وللأحلام قـتَلتُها ..!



إلـــى
"ل"
" ستُزفين يومًا "
**********



ثلاثة أعوامٍ تركضُ لاهثةً منذُ أنهيتُ دراستي الجامعية, تكللني النظراتُ الفضولية, وحين أدخل كل مجلس أشعرُ بأنَّ أعيناً خفيّةً تراقبني من بعيد .. وأصابعُ مثلها تشيرُ إليّ؛ "مسكينة لم يخطبها أحدٌ حتى الآن ..! "

بتُّ أمقت المناسبات الاجتماعية ، تتجمع فيها نساءٌ لا يعنيهنّ سوى التقاطُ الأخبار المتبعثرة هنا وهنـاك .. دونَ مراعاةٍ لشعورِ أصحابهـا .. وأُرغَمُ أحياناً لحضورهـا لأُخطب .. أجتهدُ كثيرًا في زينتي .. وترددُ الأفواهُ من حولي تعويذات " سـتُخطبين الليلة " و أعودُ كل مرّة دون أن تستوقفني امرأةٌ واحدة لتسألني: ابنة منْ أكون ..؟!

تبًا لهذا المجتمع .. لا يقبل سوى الجميلات .. صاحبات الطول الفارع والبياض الشديد، الشعر الناعم أو النحافة .. ما ذنبي حين افتقدتُ مقومات الجمال تلك ..؟! أقفُ أمام المرآة وأتأمل نفسي .. لاشيء جميلٌ .. ماذا أملك ..؟! أعرف كيف أطبخ أصنافاً عديدة .. وكيف أعتني بالأطفال .. بوسعي إدارة قصر كامل دون الحاجةِ إلى خادمة .. ثم .. ألا تكفي روحي الطيبة ..؟!
أبتسمُ لمؤهلاتي ، وسرعانَ ما توأد ابتسامتي تلك على مفردةِ "يريدهـا جميلة " ..!

تحاصرني نظرات الشفقة حين تُزفُّ أخبارُ زواج أيّ فتاة.. و أبالغ في تهنئتي و مباركتي.. تبّا لمن نقلتْ الخبر في حضوري ، هل أرادت طعني بكلماتهـا ؟! تبدو الدنيا ضئيلة أمام عينيّ .. وأتمنى لو تفتح الأرض فمها الواسع وتبتلعني .. أو أن أتبخر في الهواء .. الأعين تحاصرني .. والأفواه المقفلة تُحبسُ فيها كلمة " ألم يحنْ دوركِ بعد؟!"
يا رب .. ألم يحنْ .. ألم ..؟!

أحلامي ترامتْ إلى شيء أبعدَ من الزواج نفسه .. روح الأم المخبئة تأججت فيّ .. أحلم برائحة طفلٍ في المهد .. يتسلل إبهامه إلى فمه حين يجوع أو يفتقدني .. أتمنى أن ينتزعني صراخه المحتجّ من حُلمٍ جميل فأضمه إلى صدري ويبقى ساكنًا ، أو ينتزعني من عشاءٍ تلتف من حوله النسوة لأرضعه .. لن أُبالي ، أحلم .. وأحلم وتمتدُ يدي إلى لفافة أدخلها تحت قميصي ، ينتفخ بطني في استدارة ، أمسكُ ظهري وأقفُ أمام المرآةِ طويلاً ..

في مساءٍ فَرِحٍ بدا فيه أن الابتسامة تعرف طريقها جيدًا في وجه أمي .. تنتهز فرصة بقائي وحيدة وتهمس : " غدًا سيأتي من يراكِ " كدتُ أقفز لعبارتهـا .. أحملق في وجههـا وأتلفت حولي, علّها تقصدُ أحدًا يجلس إلى جانبي .. لا أحد سوانـا , لم أسألها عن مؤهلاته .. لا يهمني .. أي شيء ..!

تلك الليلة لمْ أنم .. بدأتْ أحلامي تحيا وتبعثُ من رقادهـا من جديد .. أيّ اسم تراه يحمل .؟! محمد .. عبد الله ..؟ أحمد ربمـا .. حسن ، فلأدرب لساني على جميع الأسماء الذكورية .. حبيبي محمد , أو زوجي عبد الله .. أبو عيالي ..... يااه ..!
أفردُ يدي كطيرٍ فتحُ قفصه فجأة .. وأحلق راقصة .. أنقض شعري وأتمايل .. أجربُ أجمل فساتيني تباعًا .. أتجملُ أمام مرآتي طويلاً .. أينَ سأسكن يا ترى ..؟! كيف سيبدو أطفالي .. ماذا سأسميهم ..؟! يضيقُ الفضاء من حولي بـأكوام الأحلام .. تبدو كل الأشياء القبيحة جميلة .. كلّ شيء ..!

عصر اليوم أبدو كنحلة .. أعدُّ قهوة وأتذوقها فلا يعجبني طعمهـا وأعدّ أخرى .. أصفّ ثلاثة أنواع من التمر في صينية ملمّعة .. أجمّل أكواب العصير .. كلُّ شيءٍ مثالي، يصلُونَ أخيرًا .. وتبدأ ارتعاشاتُ جسدي المتوتر .. أدخل المجلسَ محمّلة بالقهوة الساخنة .. أبتسمُ وأعينهم تتأملني بشراهة .. نصف ساعة ثم غادروا .. ألتمس في وجه أمي أيّ خبر .. تخبرني أن ننتظر ردهم خلال ثلاثةِ أيام ، ثلاثة ..! أليست طويلةً لمجرد تفكير ..؟!
يومٌ فآخر .. وهاتف منزلنـا لا يـُشْغل .. أبقى معلقةً بجانبه في ارتقابِ رنة ، وفي كلّ مرة يرنُّ أرتعشُ .. أرفعه وأهمس بحشرجة لأفاجأ بجميع الأصوات المألوفة .. كلهنّ تأتي سوى صوتهـا ..

تطالعني عينا والدتي الصامتة .. يطلّ الثالث نزقًا .. سريعةٌ جرت تلك الثلاثة .. أجري نحو غرفتي .. تبدو غارقة في فوضى الملابس المبعثرة .. الحلي الملقاة هنـا وهناك .. أنتظرُ سحابةً لن تمطر .. وشمساً لن تشرق .. أبتهلُ إلى الله بدعاءٍ مرتبك ، أتساقطُ ولساني يلهج به .." يا رب يتصلون .. يا رب" ، مللتُ الوحدة , نظرات الشفقة، الألسن المنغمسة في مستنقع الفضول .. هذا المجتمع القاسي .. سئمتُ من نساءٍ يتفحصنني كبضاعةٍ ثم يمضينَ بقسوة ، يكتفين بـ " ما تصلح لك" دون أي تعقيب .. ماذا لو رآني هو مباشرة..ربما تآلفتْ أرواحنـا دون الحاجة لنزق النساء وتعقيداتهنّ..!

تدقُ ساعةَ منتصفِ الليل .. وسكونٌ يلجم هاتفنـا , يغرقُ في موتٍ لأول مرة .. و آخرهـا..!


(قصة لكاتبة سعودية أعجبتني وأحببت ان تشاركوني فيها)
__________________
اللهم لك الحمد والشكر
"ولئن شكرتم لأزيدنكم"

التعديل الأخير تم بواسطة شوبارد ; 30-06-2006 الساعة 04:11 AM
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:18 AM.


images