كأس العالم .. والرابطة العربية !!
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس من شيء يدعو المرء للضحك والبكاء في آن إلا حين يأتي الناس على ذكر العرب ، وأخبارهم .
وأكثر شيء يحز في النفس هو التنادي للوحدة العربية ، واللحمة العربية ، والرابطة العربية ، مع التجاهل التام للدم الإسلامي الذي يجري في عروقنا ، فلا يهم أن تكون مسلما أو مسيحيا أو بلا ديانة ، الأهم أنك عربي !!
هذا الحديث الذي نحاول أن نخدع به أنفسنا ، وفي كل مرة ننكشف ، ونعلم أننا أبعد ما نكون عن مثل هذه الوحدة ، بدليل أن الواقع قد فضحنا ( كعرب ) في كأس الأمم الأفريقية ، فقد ضربنا أروع الأمثلة للتلاحم العربي الكبير !! حتى أن (تلاحمنا) المزعوم تحول إلى تصادم و ( التحام ) !!
الآن ومع اقتراب كأس العالم عاد الإعلام ليوجع رؤوسنا بالدعوة لمناصرة العرب والاتحاد التام ونسيان صراعات الماضي وأن نكون عربا متعاونين حتى نثبت للعالم أن ( العرب ) خير أمة أخرجت للناس !!
لكن ، ماذا عن الإسلام ، والرابطة الإسلامية ؟!!
هل سمعت أن الإعلام الرياضي ينادي لنصرة المنتخبات الإسلامية المشاركة في كأس العالم ؟ هل تعلم أن ( نيجيريا ) بلد مسلم تربو نسبة المسلمين فيه عن 75 % ، وهل فكرت يوما أن تناصر وتساند المنتخب النيجيري ؟!!
هل سمعت مذيعا ما يقول : ( كل التوفيق للمنتخب النيجيري المسلم ، ونحن كمسلمين يهمنا ويشرفنا أن تصل الدول الإسلامية لمراحل متقدمة في كأس العالم ؟!! ) .
ترى ، هل سمعت هذه الصيغة ، وهل تجدها رائجة كرواج الصيغة التي ستكون حين تستبدل كل ما هو إسلامي في النص السابق بكل ما هو عربي ؟!!
عندما كنت صغيرا كنت مولعا بكرة القدم ، وكنت أتابع كأس العالم بشغف ، وحين يلتقي منتخبان كنت أبحث عمن تتفوق نسبة المسلمين فيه عن الآخر فأشجعه !! ولكن كنت أستغرب حين يلتقي منتخب عربي ومنتخب مسلم ويخرج المنتخب العربي فيتحدث المعلق بنبرة حزينة ويندب حظه مع أن المنتخب المهزوم هو منتخب مسلم والفائز أيضا منتخب مسلم لكنه غير عربي ، فلم كل هذا النحيب مع أن فرصة المسلمين في الحضور ما زالت قائمة عبر هذا المنتخب المسلم الذي انتصر !!
ثم بعد ذلك عرفت الحقيقة المرة ، عرفت أن الرابطة الإسلامية ليست بشيء ، وأن التفاخر والتباهي لا يكون إلا بالرابطة العربية ، فهي للأسف أصل ، والإسلامية فرع ، وأسوق لكم بعض الأمثلة :
زين الدين زيدان ، لاعب لامس صيته الإعلامي العربي عنان السماء ، ودائما ما تقترن مع اسمه جملة ( اللاعب الفرنسي ذو الأصول العربية ) ، لكن هل هو مسلم أم لا ، لا يهم ، وربما الكثير لا يعرف بأنه مسلم !!
الطريف أن زيدان لا يجيد تحدث العربية مطلقا !! ، ألم أقل أن حالنا مضحك مبك ٍ في آن ؟!!
في المقابل ، مواطنه الفرنسي ( بلال أنيلكا ) لاعب مسلم ، فمن منكم يعرف هذا اللاعب ؟ هل له نفس شهرة زيدان في الأوساط العربية ؟ طبعا لا ، لماذا ؟ لأنه مسلم فقط وليس بعربي !!
والآن اسمحوا لي أن أخرج من القضايا الرياضية إلى غيرها لتدركوا خطورة التنادي بالوحدة العربية فقط بغض النظر عن الجانب الإسلامي :
عندما يأتي موسم رمضان وعيد الفطر ، ما هي الصيغة الرسمية للتهنئة ؟ ألا يقولون : ( نهنئ الأمتين العربية والإسلامية ) ؟!!
لماذا قالوا العربية ، مع أنهم لو اكتفوا بالإسلامية لدخل فيها العرب وغيرهم !! هل يودون توجيه التهنئة لنصارى العرب مثلا؟! ويهنئونهم على ماذا ؟! على شيء ليس في ديانتهم !!
هل يعقل أن تهنئ المسيحي برمضان أو عيد الفطر ؟!!
أعرج أيضا بالحديث على موضوع مهم جدا ، ألا وهي القضية الفلسطينية
يتراءى لي أن الله لا ينصرنا في هذه القضية لأننا نود جمع الناس على كلمة العرب لا كلمة الإسلام ..
لا حظوا عبارات الاستغاثة التي توجهها الصحافة والإعلام : ( فلسطين تناديكم يا عرب !! ، أين العرب عن فلسطين ؟!! ، فلسطين العربية الأبية !!) ، ولاحظوا المؤتمرات التي تعقب الأحداث الفلسطينية ، كلها مؤتمرات تأخذ الطابع العربي فقط ، ودائما يقولون المؤتمر العربي ولا يقولون الإسلامي !!
قضية فلسطين برمتها تؤخذ على أنها قضية عربية خالصة لا قضية إسلامية !!
أعتذر على الإطالة ، لكنها مما أجده من حرقة ، فلم نعد نتفخر بأننا مسلمون كافتخارنا بأننا عرب ..
أحزنني جدا أمر ذلك المتسابق في ( من سيربح المليون ) الأسبوع الماضي ، حيث تم سؤاله عن حاكم عربي قد حكم روما ، وقيل له أنه مسيحي ، فقال لا يهم ما دام أنه عربي !!
لا أجد خاتمة أجمل ولا أبلغ من مقولة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - :
( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، فمتى ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله )
فلله درك يا عمر ، صدقت حيا وميتا !!
*
__________________
إلى الماءِ يسعى من يغَصُّ بلقمةٍ ::
إلى أين يسعى من يَغَصُّ بِمَاءِ؟!
التعديل الأخير تم بواسطة شاطئ المحبة ; 30-05-2010 الساعة 02:46 AM