
الثقافة الجنسية ..الواقع والمامول..
[blink]الثقافة الجنسية ..الواقع والمامول..[/blink]
من أهم المشاكل التي تواجه مجتمعاتنا الشرقية هي ضعف الوعي والإدراك بالثقافة الجنسية، حيث أن التحدث في أمور الجنس يدخل في نطاق العيب والخروج عن المألوف وقلة الأدب.
والاعتراف بوجود المشكلة هو الطريق الصحيح للحل بينما التجاهل والتحرج في المناقشة يمكن أن يؤدي إلى تفاقمها بصورة لا تصلح معها أية حلول عند اكتشافها في وقت متأخر فالثقافة الجنسية جزء أساسي من ثقافة الفرد خصوصاً الأمور المتعلقة بالعلاقة الزوجية.
فالمراهقين والمراهقات يعانون من عدم وجود أجوبة لكثير من الأسئلة المتعلقة بالجنس والتي تدور ببالهم .
فكيف سيتم إعداد الأبناء لاستقبال هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم بكل ما تحويه من متغيرات نفسية وعضوية؟
فالأم تصاب بالحرج من أن تتحدث مع ابنتها في هذه الأمور ويزداد الحرج إذا أرادت التحدث مع ابنها وبذلك يستمر موضوع الجنس سرًا غامضًا تتناقله ألسنة المراهقين فيما بينهم،
وهم يستشعرون أنهم بصدد فعل خاطئ يرتكبونه بعيدًا عن أعين الرقابة الأسرية،
وفي عالم الأسرار تنشأ الأفكار الخاطئة وتنمو دون رقيب أو حسيب.
ثم تأتي الطامة الكبرى عندما يجد الشاب أو الفتاة نفسيهما فجأة عند الزواج وقد أصبحا في مواجهة حقيقية مع هذا الأمر،
ويحتاجان إلى ممارسة واقعية وصحيحة، و هما في الحقيقة لم يتأهلوا لها.
وبذلك يظل القاسم المشترك بينهما هو الجهل و عدم المصارحة بالرغبات و الاحتياجات التي تحقق لهما التكامل النفسي والجسدي،
وكذلك الخوف من الاستفسار عن المشكلة أو طلب المساعدة،
وعدم السؤال عن ما يجب أن يحدث, وكيف سيحدث..!
ويواجه العاملين في الحقل الطبي العديد من الاستفسارات سواءً العضوية أو النفسية والكثير من الحالات لمراهقين وقعوا بجهلهم في الخطأ أو أزواج يشكون من توتر علاقاتهم الزوجية عجزوا عن القيام بعلاقة كاملة،
أو لم يقدروا على إسعاد الطرف الثاني، كما توجد زوجات لم يستطعن البوح بمعاناتهن من عدم الإشباع لأن الزوج لا يعرف كيف يحققها لهن.
وللمجتمع دور رئيسي في تفاقم هذه الأزمة بالتزامه الصمت التام حيث لا تقدم المناهج التعليمية أو الوسائل الإعلامية المرئية أو المسموعة أو حتى المقروءة أي مساهمة حقيقية في هذا الاتجاه. وتتضاعف المشكلة عندما تظل هذه المعاناة سرًا بين الزوجين،
فلا الزوجة تجرؤ على السؤال – فهي امرأة محترمة - لا يجب أن تسأل عن هذه الأمور ولا الزوج أيضًا يجرؤ على طلب المساعدة من زوجته –
فهو الرجل - وسؤاله ينقص من رجولته.
ويستمر الصمت بين الطرفين كلٌ يطوي ألمه ولا يجرؤ على الحديث حتى مع المختصين،
وقد يفضل الطرفين الطلاق من أجل مشكلة ربما لا يستغرق حلها الوقت الكثير مع أهل الخبرة.
وبالرغم من عظم هذه المشكلة وانتشارها فإنها أقل خطراً من أن تبدو الأمور وكأنها تسير على أحسن ما يرام،
في حين تظل المشكلة تتفاقم في الخفاء بحيث لا يحصل الرجل ولا المرأة على ما يرغبون أو يتمنون،
ويتخبط بهما مركب الحياة في بحور بلا شواطئ وربما يأتي الأطفال معلنين أن الأمور تسير على أحسن ما يرام.
وفجأة تتلاطم الأمواج ويتهدم البيت الذي كان يبدو شامخاً، ويصطدم الطرفان بالواقع المؤلم من دعاوى طلاق وطلب للانفصال إثر أسباب واهية يسوقها الزوجان لإقناع المجتمع الذي يعيشون فيه, مع علمهما التام بأنها ليست الأسباب الحقيقية،
وبالطبع فإن كلا الطرفين لن يشير أو يلمح إلى الأسباب الرئيسية فالتحدث فيها عيب ... وقلة أدب.
كما أنه من المحتمل أن تستمر العلاقة الزوجية بين الطرفين ولكنها علاقة باردة ومملة،
لا لون لها أو طعم، يملؤها التوتر ويشحنها الخوف والترقب والبحث عن أقل هفوة يقع بها أحد الطرفين وتكثر الشكوى التي يبررها الكثير من الأسباب دون الإشارة للسبب الرئيسي.
هل تجاوزنا حدود المعقول؟
هل خرجنا عن المألوف؟
هل دخلنا نطاق العيب وقلة الأدب؟
هل صور لنا خيالنا أن الناس يعيشون حياة بهيمية لا هم لهم إلا إشباع رغباتهم الجنسية؟
وهل نعاني أصلاً من ضعف ثقافتنا الجنسية؟....
فالواقع يثبت بأن المشكلة متواجدة ومتغلغلة في أعماق مجتمعنا وتختفي تحت حجب من الخجل والرجعية والجهل والعُرف البائد،
ولكنها تطل علينا بواقعها المر حاملة معها الضياع والتفكك الأسري.
ولكي يتم علاج وإصلاح هذا الخلل فعلينا البحث عن الطرق العلاجية التي تتناسب مع قيمنا وثقافتنا حتى لا يرفضها المجتمع،
وأن نواجه الثقافات الغربية التي تتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هذه الثقافات التي تدعي التقدم والحرية والأدب وتخالف السنة فتوقع الناس في الحرج الحقيقي والعنت وتغرقهم في الحيرة و التعاسة.
لهذا نأمل أن يتم فتح أبواب للنقاش وتبادل الأفكار على مختلف الأصعدة وبين كل المهتمين للوصول إلى مستوى من الثقافة الجنسية السوية وبالتالي هدوء واستقرار نفسي وسعادة زوجية دائمة بإذن الله.
وتقبلو فائق تحياتي واحترامي ..
[marq=left]منقول بتصرف [/marq]

__________________
والله العـظـيـم اشتـقنـالـكـم