ثم من الأخطاء التي نسمعها عن كثير من الزوجات عدم مراعاة حقوق أزواجهن ومن ذلك : رفع الصوت عليهم ، وقلة الاحترام وكأنهن أندادًا لهم ونسوا ما قاله نبينا محمد × : « لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد ؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ؛ لعظم حقه عليها » ، وفي لفظ آخر : « لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها ، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه » [ القتب : الرحل الصغير على قدر سنامالبعير ] .
ولتتذكري أختي الزوجة أن المرأة الصالحة هي التي قال فيها النبي × : « خير النساء التي تسره إذا نظر ، وتطيعه إذا أمر ، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بمايكره » . وقال × : « لاينظر الله [ أي نظر رحمة ] إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه » .
أختي الزوجة : إذا أخطأت على زوجك أو أخطأ عليك فينبغي أن يعتذر المخطئ أيًا كان ، وأعرف أن كثيرًا من الرجال يأنف الواحد منهم أن يعتذر بل يعتبرها منقصة له ! .
فأقول لك يا أختي الزوجة العاقلة : هنا تذكري أولًا : قول الله تبارك وتعالى :
{وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم}[فُصِّلَت:34ـ 35]
فما بالك بزوجك الغالي شريك حياتك وهو أقرب إليك حتى من أبويك ؟! .
وثانيًا : تذكري قول النبي × : « ألا أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ قلنا : بلى يا رسول الله . قال : « ودود ولود ، إذا غضبت أو أسيء إليها أوغضب زوجها قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى » .
وثالثًا : احرصي على أن لا يتهدم بيتك في تلك المشكلة فذلك ما يتمناه أبليس ـ أخزاه الله ـ وحاسدوك ، فاصبري وأبشري بالخير من عند الله I .
وصدقيني أختي الزوجة أن كثيرًا من الأزواج إذا شعر الواحد منهم بارتياح وأنس من زوجته ، وإقبال منها عليه ، سوف يستحي ويحن ويرجع بإذن الله متأسفًا ، وقد عرفت بعضهم من هذا الصنف فيه أنفة حتى مع أصدقائه فإذا وجد أريحية لأحد أصدقائه بعد جفوة حصلت له معه ؛ أنفرد به وأعتذر منه لوحده حتى يحفظ ماء وجهه !.
وقد تقولين لي أن من جملة ما تشكين منه : هو لم يعد يحبني ! ، ولم أعد أسمع منه تلك الكلمات الجميلة في الحب والتغزل بي ! ، والدلال والشوق إليَّ ! كما كان يفعل في الأيام التي بعد كتابة العقد ( الملكة ) وفي أيام الزواج الأولى فقط ، لم أعد استمع إلا إلى طلبات البيت وأوامره وتجهيز الطعام وغسيل وكي الملابس والاعتناء بالأولاد .. إلخ من أمور لا تنقضي حول أمور الحياة المعيشية اليومية ! .
فأقول لكِ : أصبت في جانب ، وأخطأت في جانب
أما ما أصبت فيه فهو فقره في بث أحاسيسه نحوك فهذا خطأ منه كبير ولا يُقبل منه أي مسوغ له ، بل ينبغي أن يعود لسانه على ذلك ، ويكون هذا الكلام نابعًا من قلبه قبل لسانه ! .
وأما ما أخطأت فيه فهو ظنك أنه لا يحبك . فحب الزوج لزوجته قد يكون زاد أكثر من ذي قبل ، ولكن يعبّر عن هذا بعمله وسعيه لحياة كريمة لزوجته وعائلته ، وقد تكون المشاغل تُلهيه وتأخذ وقتًا منه ، فهو يسعى منأجلهم على حساب طاقته وصحته ، وقد يكون التقصير في التعبير عن الجانبالعاطفي غفلة منه ، أو عدم إدراكه لأهمية التعبير الدائم عن إظهار أحاسيسه للزوجة ، أو
انشغاله الكثيرمع إدراكه هذا وعلى الزوجة تفهّم هذا.
وقد تقولين أيضًا صار يقعد كثيرًا مع أصحابه ولا يحب أن يجلس معي ، ألست زوجته شريكة حياته ؟! أليس لي حق في الجلوس معه ؟! فأقول بلى : لكي كل الحق في ذلك ، لكن لنبحت ـ بصدق ـ عن بعض الأسباب التي تجعل الزوج قليل الجلوس مع زوجته .
فمن ذلك : أنه إذا دخل البيت جابهته بما تحتاجه للبيت من متطلبات دون انتظار الوقت المناسب ، فالرجل يريد إذا دخل بيته أن يرتاح من عناء العمل والشارع جسديًا وذهنيًا ، لذلك بعضهم يذهب إلى أصدقائه ليستجم ويضحك معهم ، وبعضهم يشاهد التلفاز ، والآخر فتح حاسوبه ودخل الشبكة العنكبوتية ليرى الأخبار الجديدة داخل بيته كنوع من الترويح .
فلذلك أقول لك أختي الزوجة : تخيلي لو أن صديقتك كلما جاءت إليك قامت تشكو إليك حالها وفتحت لكِ موضوع بيتها وما يحتاج إليه . ألا تشعرين بالملل من ذلك ؟! ، فما بالك الزوج يسمع منك الشكوى والتبرم كل يوم ألا يتذمر وتستاء نفسه من ذلك ؟!.. .
نعم يمكن فتح كثير من الأمور في أوقات مناسبة حين تكون نفسية الزوج مستعدة لذلك .
ومع ذلك أقول لكِ : إذا وجدت وقتًا مريحًا لفتح أي موضوع حول ذلك ، فإياك وإياك الإثقال على زوجك في متطلبات أو مصروفات ليست من أساس البيت كتفصيل الأثواب التي تختص بالمناسبات كسهرات الخروج للزواجات والدعوات الأخرى من زيارة الأهل والصديقات ، أو زينة الذهب وما إلى إلخ .. .
هناك أولويات لابد من مراعاة الزوجة لها مقدمة الأهم فالمهم ، فإيجار البيت وفاتورة الكهرباء والهاتف وقسط السيارة أولى من قيمة هدية تودين تقديمها لأختك في مناسبة زواجها أو نجاحها ، وأولى كذلك من تغيير أثاث مجلس الضيوف والستائر وغيرها من أمور تعد أقل أهمية .
وبعض الزوجات ـ هداهن الله ـ تستخدم أسلوب الضغط على الزوج بطريق غير مباشر كأن تمنعه من نفسها إذا طلبها للمعاشرة وربما أعرضت عنه حتى يحقق لها مطالبها ، وهذا الأسلوب سيئ لأنه يربي الأحقاد ويسارع في ذبول الحب والوئام لأنه جعل العلاقة الزوجية قامت على المصلحة الشخصية النفعية المحضة ، وهو أسلوب يفرق ولا يجمع .. .
كثير من الأزواج إذا رأى أن الزوجة بدأت تنحوا هذا المنحى سقط حبها من قلبه ولم يعبَ بها ، ولا يهمه رضاها ، لأنه يرى من وجهة نظره أنه أُستغل ولم يُقدر وليس له مكانة في قلب زوجته ، وأن مكانته فيما يملكه من مال فقط !.
أختي الزوجة : الحياة أخذ وعطاء من الطرفين ، فلا بد من بذل الوسع لنعيش حياة هنيئة بعيدة عن الأكدار والمنغصات .
وقد تقولين أيضًا : صارت يده تمتد علىَّ بالضرب والإهانة وتنطيشي والصراخ في وجهي ، بل عدم استشارتي في شيء من أمور حياتنا ، واتخاذ قرارات البيت بنفسه دون سؤالي عن رأيي ، وكذلك عدم احترامي حتى أمام أولادي
بل يقدم مصالحه الذاتية على حساب بيته وأولاده .
فأقول لك أختي الزوجة : كل الأمور التي ذكرتها هي حق لك ولا أجادل في ذلك معاذ الله .. .
لكن كيف يتم التعامل مع الزوج ؟ .
أولًا :لابد من تتفهم الزوجة نفسية وشخصية زوجها وهذا هو مربط الفرس كما يُقال .
الرجال ليسوا كلهم سواء من حيث السلوك والأخلاق ، ففيهم عصبي المزاج وفيهم بارده ، وفيهم سهل الخلق وفيهم حزنه ( عسورة الخلق ) ، ولذا لا يمكن أن يكون هناك طريقة تعم الجميع من حيث التعامل معهم ؛ مثلكن أنتن النساء مختلفات كاختلاف أصابع اليد الواحدة !
لكن الجامع المشترك للتعامل مع الجميع من الأزواج والزوجات هو : حسن التبعل والتصبر والصفح الجميل واحتمال الأذى وبذل المعروف وكتم الغيظ .
ومن تأنى نال ما تمنى .. .
ثانيًا أختي الزوجة : مفاتيح الأمر في يدك بعد الله تعالى ، فيمكن للزوجة أن تقدم نظرها ورأيها بأسلوب مشوق لا يجرح نفس الزوج ولا يكسر قلبك وهو أسلوب العتاب الخفيف دون النقد المباشر .. .
فلو كان زوجك كثير التأخير عن البيت فلا تقولي له : أين كنت حتى هذا الساعة المتأخرة وقد تركتني في البيت مع الأولاد لوحدي ؟! بل قولي له : إن تأخرك يجعلني في قلق دائم عليك ونحن في شوق إليك ، أو البيت يصبح مظلمًا دون طعم من غيرك ، قولي هذه العبارة ومثيلاتها بأسلوب يلهب الأحاسيس محبة وشوقًا ، و والله إنها لتحرك من كان قلبه من حجر !.
لا تناقشي زوجك في حال غضبه بل كوني مستمعة جيدة ، وحينما تصفو نفسه قولي له : إن الرأي الذي قلته جميل ومقبول لكن ألا ترى من زاوية أخرى أن لو كان كذا وكذا لكان أحسن ؟ ؛ خاصة أن ما قلته ينقصه كذا ويحتاج إلى كذا ! . والأمر أولًا وأخيرًا يعود لك !.
لو استخدمتِ هذا الأسلوب الرائع لجعل للزوج
في نفسه وقع كبير ، فكل البشر رجالًا ونسائهم حتى الأطفال ! لا يحبون أن ترد آرائهم إلا بأسلوب يراعي أحاسيسهم .
أختي الزوجة : لا بد أن يدرك زوجك أن الحياة الزوجية مشاركة من الطرفين ، مع معرفة أن لكل واحد منكما وظائف تختص به .
ويمكن أن يدرك زوجك ذلك بتذكيره بحقك عليه وحقه عليك ، وأن كلما حصل شيء من الاختلاف في الرأي يتناقش حوله بأسلوب يزيد الحب لا يثير الخلاف .
ذكريه بأن سيد الخلق × كان يشاور الخلق وخاصة نسائه وقد حفظت السنة موقفه × حينما امتنع أصحابه y من حلق رؤوسهم فأشارت عليه أم سلمة بأن يحلق رأسه هو أولًا ، فلما رأى الصحابة yذلك حلقوا رؤوسهم ! .
أختي الزوجة العاقلة : أشعري زوجك بأن له مكانة كبيرة في قلبك ـ وهو كذلك ـ وأنك تحبين أن تسمعي لرأيه وتوجيهه .
أرأيتِ لو أنكِ تعملين في مكان ما ، هل كنت ستعملين عملًا دون استشارة مسئوليك ؟ لا . بل ربما شاورتهم في كل كبير وصغير لتحفظي مكانتك عندهم ، فما بالك بالزوج ؟! .
أختي الزوجة : ما موقفك إن رأيتِ إعراضًا من زوجك ؟ هل تهجرينه ؟ هل تصرخين في وجهه أو تبكين على نفسك ؟ .
ليس هذا هو الحل الناجع والجواب الشافي ، ومثل هذه الأمور تذمر وتزيد الطين بلة كما يُقال ، والذي أنصحك به أمرين لا ثالث لهما :
الأمر الأول : الدعاء لله بأن يصلح ويحنن قلبه لك ويحبب زوجك فيك ، فالذي جعل هذه المودة بين الزوجين هو الله Y وحده دون سواه ، فهو الذي يقلب القلوب بين أصابعه I، قال تعالى : (( وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً )) [ الروم ].
الأمر الثاني : الصلح كما قال الله I : {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[ النساء ] .
« أي : إذا خافت المرأة نشوز زوجها أي : ترفعه عنها وعدم رغبته فيها وإعراضه عنها ، فالأحسن في هذه الحالة أن يصلحا بينهما صلحًا بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجه تبقى مع زوجها ، إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة أو الكسوة أو المسكن ، أو القسم بأن تسقط حقها منه ، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها . فإذا اتفقا على هذه الحالة فلا جناح ولا بأس عليهما فيها ، لا عليها ولا على الزوج ، فيجوز حينئذ لزوجها البقاء معها على هذه الحال ، وهي خير من الفرقة ، ولهذا قال : ( ﭡ ﭢ) » .
rrrrr
__________________
محمد بن محمد الجيلاني
مهتم بالكتابة حول شؤون الأسرة
التعديل الأخير تم بواسطة علي العلي911 ; 18-08-2010 الساعة 02:34 PM