كافر .. فاسق ... مبتدع (الإستخدام اللغوي - الشرعي)
الألفاظ الشرعية ، و أهمية الإنضباط بها في العاملات و التخطاب بين الناس.
كافر ، فاسق ، مبتدع ، ظالم ، فاجر... الخ هذه الألفاظ المُكْتَسِبَةَ الصلاحية و الأهلية من قِبَلِ الشرع.
مثال:
الكفر لغةً: التغطية ،و هو معنى الجحود. ومنه : كفرتْ الأرض الحبَّة ، إذا غطَّتها .
الكفر شرعا: إنكار الخالق أو إنكار ما جاء عن الخالق على لسان أنبيائه و رسله. (و المعنى المُشترَك بين المعنى الشرعي و اللغوي هو : التغطية و الجحود).
فلا يجوز استخدام الألفاظ الشرعية و إطلاقها مُراداً بها المعاني اللغوية ، لأن العُرف و التداول الشرعي لهذا اللفظ ، نقل المعنى من الإستخدام اللغوي ، إلى معنى أدق منه في الإستخدام اللغوي.
ف لو قال شخص لأخر: أنتَ كافرُ ، و كان قصده : أنت تُغطي الأبدان بصناعة الثياب و الملابس. لكان هذا محرماً شرعاً. لأنه يوهم السامع بتكفير هذا الشخص. و هو ممنوع شرعا (من قال لأخيه؛ يا كافر، فقد باء بها أحدهما).
و يُسمحُ استخدام مثل هذه المصطلحات في حين وجود قرينة تدل على صرف المعنى من المصطلح الشرعي و إعادته إلى الأصل اللغوي ، كأن يقول : أنت كافر لأبدان الناس بملابسك التي تصنعها... أو ما شابه من هذه العبارات التي تدل على إعادة اللفظ إلى أصله.
و باب الألفاظ الشرعية واسع جداً ، و فيها الكثير من الإحترازات و التفصيل .
و أحبُ أن أوضح هنا كلمة (مبتدع) باسم الفاعل.
متى يُسمَّى الشخص باسم الفاعل في هذه المصطلحات ؟؟؟
هل من ارتكب بدعة يُسمى مبتدعاً (باسم الفاعل ) ؟
ابتدع يبتدع بدعةً، فهو مبتدعٌ.
قال أهل العلم ما معناه : أن التسمية باسم الفاعل لا تكون إلا لمن كثر منه هذا الفعل بحيث أصبح صفةً ملازمةً له. فيصح حينئذِ أن يُسمى: مبتدعاً ، أو ضالاً ، أو فاسفاً ، أو فاجراً.
و هي مسالة دقيقة جداً ، و لها علاقة وطيدة بالأخلاق و فساد الود بين الناس ، و إثارة الضغينة ، و البغضاء بين الناس.
بعض الجهلة من الإخوة المتدينين أو غيرهم يطلقون أمثال هذه الالفاظ على العامي الذي صدر منه – مثلا - بدعة معينة ، أو فسوق معين ، أو ضلال معين. فينادونه : يا فاسق يا ضال ، يا مبتدع.
و هذا من أكبر الأخطاء الشرعية الدعوية .
الناس : قلوب ، قبل أن يكونوا أجساداً.
عندما ارسل نبي الله صلى الله عليه و اله و سلم إلى كسرى و هرقل قال في مكتوبه (من محمد بن عبد الله إلى كسرى ملك فارس ... هرقل عظيم الروم ... ) الخ.
و ( أُمِرْتُ أن أُنزلَ الناس منازلهم) دليلٌ على أنه كان من الطراز العظيم ، الراقي ، الذي يعرف كيف يأخذ بمجامع القلوب ، فيقودها إلى الجنة رغم أنفها بمحض إرادتها.
فالتعامل بين الناس : منظومةٌ متكاملة من الأخلاق و الرحمة ، و الإتزان.
التعديل الأخير تم بواسطة الحب المستشار ; 11-08-2012 الساعة 10:33 PM