الدنيا نور مشرق متلألئ ، وفأل وضاء رقراق ، رغم مافيها من نكد ونصب وعناء.
فحين تشرق الشمس بأشعتها الذهبية تبعث في النفس أملاً جديدا ، يشعل في روح المكلوم بارقة أمل ونسمة ضياء ، تبدد رواسب الأحزان ، وتنقض خيوط الهم التي نسجتها الأحزان بالليل البهيم .
نعم في الدنيا بؤس ومرارة وعلقم ، غير أن بها للمؤمن نسمات كفيلة بأن تحيلها إلى ذكريات منسية .
المرأة كيان لطيف جداً ، هي خليط من المشاعر الفياضة المرهفة الحنونة ، وهي بهذه الخلقة الربانية مخلوق فريد ، لايمكن أن يقوم بدورها في الحياة أحد ، ولا أن يتولى منصبها إنسان ، مهما بلغ شأنه ، وبما أنها خلقت للحنان وللعطف على أبنائها وزجها وأخيها وأبيها وكل من تعرفه بل حتى الغريب هي رحمة عليه ، ولا أدل على ذلك من قول زوج فرعون حينما هم بقتل موسى وهو أضعف ما يكون تحركت لديها عاطفتها الجياشة _ مع ما قدر الله من حفظ نبيه _ وقالت ( لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا)
والحديث عن طبيعة المرأة الإلهية طرفه لا ينتهي ، ولكني أحب هنا أن أقول إن الرجل الذي أعده الله لتحمل الصعاب ومجالدة هذه الدنيا كم يشقى ويذبل أمام نكد الدنيا وبؤسها ، فإذا كان هذه حال الرجل فما بالك بالأنثى التي أسلفت حالها ، إنها تتكبد الامر ضعفين ، ضعف للهم الذي نزل بها ، وضعف لكون طبيعتها لا تمدها بالصمود كما هو الحال عند الرجل .
وإن مما يؤلم الأنثى ويقلقها وربما أشقاها أن تعيش وحدها دون زوج صالح ، إما لكونها عانس ، أو لكونها مطلقة ، أو لكونها أرملة .
حين تبتلى الأنثى بشيء من ذلك فإنها تشمر عن ساعديها لتبحر في بحر مليء بالأمواج الهادرة المتلاطمة ، ولتقف أمام المنكدين من بني البشر بكل جلد وثقة ، إنها ربما عانت من نظرة أهلها لها حين عادت إليهم مطلقة وفي يدها طفلها الذي هو أغلى مالديها ، ولكنه ومع الأسف لايحظى بمثل ذلك لدى أهلها ، فنظرات الثقل من أهلها تراقبها في كل لحظة ، ولئن كانت الأسرة متواضعة الدخل فلا تسأل حينئذ عن عنائها ونصبها لتوفر في بعض الأحيان بعض مستلزماتها ، لا بل مستلزمات ابنها أو بنتها ، وربما اضطرت لكي تخرج إلى عالم الكد والعمل لتسد حاجتها وحاجة أبنائها ، وحينها تحتاج لتغير شيئا من طبيعتها السالفة للتتفق مع حياتها الجديدة المريرة ، وهي على ذلك تتمنى اليوم الذي تعود فيه زوجة صالحة كسائر ألأمهات ، ولكن متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريباً
ومعاناة أخرى ربما تقاسيها حين ينظر لها المجتمع نظرة الدون ، نظرة الجور والظلم ، والغريب أنه ما من بيت إلا وفيه أو في قرابته مطلقة أو عانس أو أرملة إلا ماندر ، ومع هذا لا تجد الترابط والمودة والإحسان المطلوب .
واعجب وأنت ترى المرأة كيف تستطيع أن تتخطى مشكلتها بسلام وأمان لتصل إلى بر الأمان لتبني أسرة جديدة وتنشئ جيلاً جديدا ، أو لتحيا حياة السعادة المعنوية حياة القلب إلى أن يأتي يوم الله الذي تتفرج فيه الكربات .
آهـ آهـ والله المستعان